توجد روايات عند كلا الفريقين مفادها إنّ الأنبياء (ع) لا يورثون فكيف تقولون انه ورث فدك وورث الخلافة ؟

توجد روايات عند كلا الفريقين مفادها إنّ الأنبياء (ع) لا يورثون فكيف تقولون انه ورث فدك وورث الخلافة ؟

عن الصادق عليه السّلام : فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر النجوم ليلة البدر ، و ان العلماء ورثة الأنبياء انّ الأنبياء لم يورثوا دينارا و لا درهما ، و لكن ورثوا العلم ، فمن أخذ منه أخذ بحظ وافر
الكافي 1 : 34 ح 1
قال الصادق عليه السّلام فيه : ان العلماء ورثة الأنبياء ، و ذلك ان الأنبياء لم يورثوا دينارا و لا درهما ، و انما ورثوا أحاديث ، فمن أخذ منها أخذ بحظ وافر
أخرجه الكليني في الكافي 1 : 32 ح 2 ، و الصفار في البصائر : 30 و 31 ح 1 و 3
رواية أبي بكر أن النبي قال : « إنا معاشر الأنبياء لا نورث ، ما تركناه صدقة ـ او بلفظ نحن بدل انا »
فان الأصل فيه ان النبي قال كما قال الصادق عليه السّلام « ان العلماء ورثة الأنبياء ، و ان الأنبياء لم يورثوا دينارا و لا درهما ، و لكن ورثوا العلم ، فمن أخذ منه أخذ بحظ وافر » رواه عن طريق الصادق عليه السّلام و غيره عن النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم الكليني في الكافي 1 : 32 ح 2 ، و الصفار في البصائر : 30 و 31 ح 1 و 3 و البخاري في صحيحه 1 : 23 ، و أبو داود في سننه 3 : 317 ح 3641 و غيرهم
فالخبر انما كان في مقام ان الأنبياء (ع) لا همَّ لهم في الدنيا وجمع تراثها، ولكن ربما حصل لسبب ما، أن يكون شيءٌ من تراث الدنيا في حوزتهم؛ ولذا فهم في الغالب لا يتركون لورثتهم شيئاً من تراث الدنيا، فهم لا يورثون، أي: إنّهم لا يهتمون بجمع شيء من تراث الدنيا لورثتهم لا انهم مخصوصون من بين الناس بحكم في الميراث ، و خارجون من العموم ، فزاد عليه « ما تركناه صدقة » حتى يسلخه عن المعنى الأوّل و يسوقه الى مراده ، و إلا فكيف يعقل أن تكون فاطمة التي شهد اللَّه تعالى بعصمتها في آية التطهير الآية 33 من سورة الأحزاب
و شهد عزّ و جلّ باختصاصها من بين نساء العالم بالنبي في آية المباهلة :الآية 61 من سورة آل عمران و قال فيها أبوها في المتواتر « انها سيّدة نساء العالمين » ( أخرجه البخاري في صحيحه 4 : 96 ، و مسلم في صحيحه 4 : 1904 و 1905 ح 98 و 99 و الحاكم في المستدرك 3 : 151 و 154 و 156 ) و في المستفيض انّها بضعة منه ، و رضاها رضاه ،
و سخطها سخطه ( أخرجه جمع كثير منهم البخاري في صحيحه 2 : 302 و 303 و 308 و 3 : 265 ، و مسلم في صحيحه 4 : 1902 1904 ح 93 96 ) و ان يكون أمير المؤمنين عليه السّلام الذي نص القرآن بكونه نفس النبي (الآية 61 من سورة آل عمران ) و كان ملازما للنبي من مولده فضلا عن بعد بعثة النبي الى وفاة النبي ليلا و نهارا لم يسمعا هذا الحديث ، و سمعه أبو بكر الذي تمنى حال الموت ان لو سأل النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم عن حكم ميراث الجد
إنّ ما يورثونه الأنبياء <ع> من العلم والحكمة وخلافة الله في أرضه لمن يخلفهم من أوصيائهم، لا يترك لما يورثونه من تراث الدنيا لورثتهم قيمة مهما كان كبيراً عند المقارنة
ثم هل يصح في قضية فدك أن يرث المسلمون محمداً <ص>، ولا ترثه ابنته فاطمة (ع) ؟ فإن لم تصح وراثة فاطمة بنت محمد لأبيها محمد <ص> عندهم، فبأي آية من كتاب الله وبأي رواية عن رسول الله <ص> صححوا وراثتهم بأجمعهم لرسول الله <ص> ؟ وكيف صححوا وراثة عائشة لحجرة رسول الله <ص>، وجعلوا من حقها أن تسمح بدفن أبيها وعمر فيها ، وتمنع دفن الحسن بن فاطمة بنت رسول الله <ص> فيها ؟ فإن كانت الحجرة تورث، فلفاطمة (ع) حصة فيها وللحسن (ع) حصة من أمه فاطمة (ع) ، فكيف منعته وبأي حق منعته عائشة أن يدفن في ملكه (مقاتل الطالبيين / ص75، وتاريخ اليعقوبي / ج2 ص225 ط صادر.) ؟!
أن فاطمة عليها السلام ، بنت النبي صلى الله عليه وسلم ، أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مما أفاء الله عليه بالمدينة وفدك ، وما بقي من خمس خبير ، فقال أبو بكر : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا نورث ، ما تركنا صدقة ، انما يأكل آل محمد – صلى الله عليه وسلم – في هذا المال ) . وإني والله لا أغير شيئا من صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حالها التي كانت عليها في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولأعملن فيها بما عمل به رسول الله صلى الله عليه وسلم . فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة منها شيئا ، فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك ، فهجرته فلم تكلمه حتى توفيت
الراوي: عائشة المحدث: البخاري – المصدر: صحيح البخاري – الصفحة أو الرقم: 4240
خلاصة حكم المحدث: [صحيح] قال تعالى: وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْل الْمُبِينُ ([1]).
وقال تعالى في قصة زكريا (ع) : وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً ([2]).
فماذا أراد الله بهذه الآيات ؟ ماذا ورث سليمان من داود (ع) ؟ وماذا ورث يحيى من زكريا عليهم السلام ؟
فهل أنّ بني إسرائيل ورثوا تراث داود وزكريا دون سليمان ويحيى <ع> ؟! والله يقول: وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى
بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ([3]).
“روى عبد الله بن الحسن بإسناده عن آبائه ع أنه لما أجمع أبو بكر و عمر على منع فاطمة ع فدكا و بلغها ذلك لاثت خمارها على رأسها و اشتملت بجلبابها و أقبلت في لمة من حفدتها و نساء قومها تطأ ذيولها ما تخرم مشيتها مشية رسول الله ص حتى دخلت على أبي بكر و هو في حشد من المهاجرين و الأنصار و غيرهم ….. أنتم الآن تزعمون أن لا إرث لنا أ فحكم الجاهلية تبغون و من أحسن من الله حكما لقوم يوقنون أ فلا تعلمون بلى قد تجلى لكم كالشمس الضاحية أني ابنته أيها المسلمون أ أغلب على إرثي يا ابن أبي قحافة أ في كتاب الله ترث أباك و لا أرث أبي لقد جئت شيئا فريا أ فعلى عمد تركتم كتاب الله و نبذتموه وراء ظهوركم إذ يقول وَ وَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ و قال فيما اقتص من خبر يحيى بن زكريا إذ قال فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَ يَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ و قال وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ و قال يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ و قال إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَ الْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ و زعمتم أن لا حظوة لي و لا إرث من أبي و لا رحم بيننا أ فخصكم الله بآية أخرج أبي منها أم هل تقولون إن أهل ملتين لا يتوارثان أ و لست أنا و أبي من أهل ملة واحدة أم أنتم أعلم بخصوص القرآن و عمومه من أبي و ابن عمي فدونكها مخطومة مرحولة تلقاك يوم حشرك فنعم الحكم الله و الزعيم محمد و الموعد القيامة و عند الساعة يخسر المبطلون و لا ينفعكم إذ تندمون و لكل نبأ مستقر و سوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه و يحل عليه عذاب مقيم”

وإن قالوا: إنّها النبوة والعلم والحكمة وخلافة الله في أرضه فقط لا غير. إذن كيف تقمَّصوا الخلافة دون الحسن والحسين وهما ولدي رسول الله (ص) من فاطمة (ع) ؟ وقد ورث هذه الخلافة الإلهية عيسى (ع) من داود (ع) ، وهو ولده من مريم، والله يقول: ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ([4]).
وكيف تقمصوها دون علي (ع) ؟ وقد تيقنوا أنّها في ولد هاشم خاصّة من ذرية إبراهيم بعد أن بعث محمد <ص> إن كانوا مؤمنين (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكاً عَظِيماً ([5]).
وكيف تقمصوها دون علي (ع) وهو أعلمهم وأحكمهم، إن كان فيهم من يحمل شيئاً من العلم والحكمة ؟
ما رواه الحاكم في (المستدرك) عن قيس بن أبي حازم قال: ” كنت بالمدينة فبينا أنا أطوف في السوق إذ بلغت أحجار الزيت، فرأيت قوما مجتمعين على فارس قد ركب دابة وهو يشتم علي بن أبي طالب والناس وقوف حواليه، إذ أقبل سعد ابن أبي وقاص فوقف عليهم، فقال: ما هذا ؟ فقالوا: رجل يشتم علي بن أبي طالب، فتقدم سعد فأفرجوا له حتى وقف عليه، فقال: يا هذا على ما تشتم علي بن أبي طالب ألم يكن أول من أسلم ألم يكن أول من صلى مع رسول الله (ص) ألم يكن أزهد الناس ألم يكن أعلم الناس، وذكر حتى قال: ألم يكن ختن رسول الله (ص) على ابنته ألم يكن صاحب راية رسول الله (ص) في غزواته ثم استقبل القبلة ورفع يديه، وقال: اللهم إن هذا يشتم وليا من أوليائك فلا تفرق هذا الجمع حتى تريهم قدرتك، قال قيس: فوالله ما تفرقنا حتى ساخت به دابته فرمته على هامته في تلك الأحجار فانفلق دماغه ومات.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
وقال الذهبي في التلخيص: على شرط البخاري ومسلم ” (المستدرك على الصحيحين – ج3 ص571 (6121)).
وروى أحمد في مسنده عن عمرو بن حبشي قال: ” خطبنا الحسن بن علي بعد قتل علي (رض) فقال: لقد فارقكم رجل بالأمس ما سبقه الأولون بعلم ولا أدركه الآخرون، إن كان رسول الله (ص) ليبعثه ويعطيه الراية، فلا ينصرف حتى يفتح له، وما ترك من صفراء ولا بيضاء إلا سبع مئة درهم من عطائه كان يرصدها لخادم أهله “، قال محقق الكتاب: حسن، عمرو بن حبشي روى عنه اثنان وذكره ابن حبان في (الثقات) ج5 ص173 وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين ” (مسند أحمد بن حنبل – ج3 ص247).ورواه أحمد في (فضائل الصحابة) عن عمرو بن حبشي، وقال محقق الكتاب: إسناده صحيح.
وأخرجه ابن سعد ج3 ص38 من طريقين صحيحين عن هبيرة، وأخرجه ابن حبان كما في (الموارد) ص545 من طريق أبي بكر بن أبي شيبة حدثنا عبد الله بن نمير عن إسماعيل بن أبي خالد عن أبي إسحاق وإسناده صحيح، وأخرجه الطبراني في (الكبير) 793-81 من طرق عن هبيرة، وذكره الهيثمي ج9 ص146 ونسبه لأحمد والطبراني وحسن طرقه ” (فضائل الصحابة – ج1 ص674 رقم 922).
وفي هذا المعنى يروي الحاكم في (المستدرك): عن ابن عباس (رض) قال: كان علي يقول في حياة رسول الله (ص) إن الله يقول: (أَفَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ)، والله لا ننقلب على أعقابنا بعد إذ هدانا الله والله لئن مات أو قتل لأقاتلن على ما قاتل عليه حتى أموت والله أني لأخوه ووليه وابن عمه ووارث علمه فمن أحق به مني ” (المستدرك على الصحيحين – ج3 ص126).
فهنا يصرح الإمام علي (ع) أيضا بأنه وارث علم النبي (ص).
على كل حال فإنّ الله سبحانه بيَّن أنّ الأنبياء <ع> يوَرِّثون ويورَثون، وكيفما فسّروا هذه الوراثة تبيّن بطلان تنحيتهم لعلي والحسن والحسين <ع> وبطلان اغتصابهم لحق فاطمة (ع).

——————————————————————————–

[1]- النمل: 16.
[2]- مريم: 5 – 6.
[3]- الأنفال: 75.
[4]- آل عمران: 34.
[5]- النساء: 54.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

هل الله تعالى يؤتي الملك حتى للظالمين والفاسقين ؟

وردت في القرآن الكريم آيات من قبيل قوله تعالى: (( إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ ...

آية ﴿وأمرهم شورى بينهم﴾(الشورى: 38) تتناقض مع حاكمية الله التي تقولون انها نظام الحكم الشرعي؟

آية ﴿وأمرهم شورى بينهم﴾(الشورى: 38) تتناقض مع حاكمية الله التي تقولون انها نظام الحكم الشرعي؟ السؤال هنا هل خلافة الله في ارضه هي امرهم ام امر الله ؟ وللتوضيح اكثر ...