فقول الإمام أحمد الحسن (ع):
[فلقد أوصاكم بآبائي الأئمة الاثنى عشر (ع) وبي وبأبنائي الاثنى عشر].
فـ [الـ] التي في [الاثني عشر] هي لام العهد، والعهد إما ذكري وإما ذهني، وهي هنا للعهد الذكري، لأن المعهود مذكور قبلها وهو [بي وبأبنائي]، ولام العهد الذكري تعود على ما مذكور سواء كان واحداً أو متعدداً، فيكون لفظ [الاثني عشر] عائداً على الإمام أحمد الحسن (ع) وعلى أبنائه على نحو المجموع، لا عائد على الأبناء فقط، وهو كلام مستقيم لأنه هو وأبناؤه اثنا عشر فعلاً.
وإرجاع لام العهد إلى الأبناء فقط قول بلا دليل، وحتى لو حصل اشتباه عند القارئ لا يمكن الجزم بعودها إلى الأبناء فقط، لان عند اشتباه السياق يرجع الى القرائن سواء كانت حالية أو مقالية؛ داخلية أو خارجية، وكل القرائن تدل على أن الإمام أحمد الحسن يقصد من قوله [الاثني عشر] هو وأبناءه المهديين الأحد عشر، فهذه كتبه وبياناته لا يوجد فيها ذكر أو أشارة الى أن المهديين ثلاثة عشر، بل كل الكتب والبيانات التي تتطرق الى عدد المهديين تبين أن عددهم اثني عشر فحسب.
بل حتى القرائن لا يرجع اليها إلا بعد عدم التمكن من سؤال صاحب الكلام ليبين المراد من كلامه، أما اذا كان صاحب الكلام موجوداً ويمكن الرجوع اليه، فيجب الرجوع اليه وسؤاله ماذا يقصد بقوله الفلاني لانه قد حصل اشتباه به، وهو يبين المراد، لأن صاحب الكلام هو الأولى بتفسير كلامه ومراده منه، وهذا قطع للشك باليقين.
فمثلا عندما يشتبه أصحاب الإمام الصادق (ع) بحديث له، لا يجوز لهم أن يفسروه بهواهم ولا أن يرجعوا الى قرائن غير قطعية، بل يجب عليهم الرجوع بذلك الى الإمام الصادق (ع) نفسه ليبين مراده من كلامه.
فإن قيل بأن الإمام الصادق (ع) قد ثبتت إمامته ولذلك لا نحتمل أنه قد أخطأ في كلامه ولابد له من تأويل، وأحمد الحسن لم تثبت إمامته عندنا.
أقول:
1 – هذا أول الكلام وهو مصادرة واضحة، وعليه فلابد أن يكون الكلام أولاً هل أحمد الحسن إمام أم لا، وهل هو صاحب دعوة إلهية أم لا ؟ فإن ثبتت إمامته فيكون حاله كحال الإمام الصادق وبقية حجج الله.
2 – إن معاني الألفاظ وخصوصاً العهود أمور قلبية تابعة الى مراد المتكلم منها، فإن نصب عليها قرينة مقالية أو حالية واضحة، أمكن التعويل عليها، وإن لم ينصب عليها قرينة تكون مبهمة ومتشابهة، والمبهم إما أن يبقى على حاله أو يرجع به الى صاحبه ليفسره ويبين المراد منه، وهذا الأمر عام لكل متكلم سواء كان معصوما أم لم يكن.
نعم يكون الإشكال تاماً وصحيحاً إن قال الإمام أحمد الحسن:
[فلقد أوصاكم بآبائي الأئمة وبأبنائي الاثني عشر وبي].
أو إن قال:
[فلقد أوصاكم بآبائي الأئمة الاثني عشر وبي وأوصاكم بأبنائي الاثني عشر].
هنا يكون لفظ (الاثني عشر] عائداً على أبناء أحمد الحسن (ع) فقط فيكون مجموع المهديين ثلاثة عشر، لا اثني عشر.
وللتوضيح أضرب مثالاً:
عندما تقول: [أحب الأنبياء والمرسلين والأئمة الطاهرين].
فهنا صفة [الطاهرين] تعود على الانبياء والمرسلين والأئمة، لا على الأئمة فقط، اللهم إلا ان كانت هناك قرينة لفظية أو حالية تخص الأئمة بهذه الصفة.
أما إذا قلت:
[أحب الانبياء والمرسلين وأحب الائمة الطاهرين].
فهنا تكون صفة [الطاهرين] عائدة على الأئمة فقط، لأنه تكرر فعل أحب قبل الأئمة وقد تم فصل الكلام، أي اصبح الكلام جملتين لا جملة واحدة هكذا: [أحب الأنبياء والمرسلين] و [أحب الأئمة الطاهرين].
فاعتقد أن الكلام واضح جداً، فمن يشكل بهذه الامور عليه أن يكون ذو دراية بمعاريض الكلام ليجنب نفسه الحرج العلمي.
ثم إن الاشكالات لا تعني بطلان الحق، لأن الاشكالات لا تنتهي ما دام الجهل والشيطان والهوى والتعصب موجود والى الآن المسيحيون يشكلون على القرآن وعلى الرسول محمد (ص)، وأيضا الى الآن أبناء العامة والوهابية يشكلون على إمامة أهل البيت (ع)، فهل هذا يعني أن إمامتهم باطلة والعياذ بالله ؟!!
فالاشكال يُرد، وإن لم يقتنع صاحب الاشكال بالدليل الناصع فهو مجادل ومعاند لا تحسن مخاطبته، فإما أن يسكت وإما أن يأتي بدليل قطعي ثابت على صحة إشكاله وأبطال دعوة خصمه بأنصع برهان.
وصاحب هذا الاشكال إنما تمسك بأمر لا يغني ولا يسمن عن جوع، ويكفيه فقط قولنا: إن أحمد الحسن لا يعني بكلامه ما فهمه صاحب الاشكال بل يعني أنه وابناءه اثني عشر، وقضي الأمر الذي فيه تستفتيان، فمالك الكلام هو صاحبه وقائله لا السامع أو القارئ.