رزية يوم الخميس ووصية رسول الله (ص) ليلة وفاته

حديث رزية يوم الخميس ووصية رسول الله (ص) ليلة وفاته

حديث رزية يوم الخميس ووصية رسول الله (ص) ليلة وفاته

أخرج البخاري[1] بسنده إلى عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن ابن عباس، قال: ( لما حضر رسول الله صلى الله عليه وآله ، وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب ، قال النبي صلى الله عليه وآله : هلم أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده ، فقال عمر : إن النبي قد غلب عليه الوجع ، وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله ، فاختلف أهل البيت فاختصموا ، منهم من يقول : قربوا يكتب لكم النبي كتابا لا تضلوا بعده ومنهم من يقول ما قال عمر ، فلما أكثروا اللغو والاختلاف عند النبي ، قال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله : قوموا عني، فكان ابن عباس يقول : إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله ( ص ) ، وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم ). وهذا الحديث مما لا كلام في صحته ولا في صدوره   وقد أورده البخاري في عدة مواضع من صحيحه[2]، وأخرجه مسلم في آخر الوصايا من صحيحه أيضا[3]، ورواه أحمد من حديث ابن عباس في مسنده[4]، وسائر أصحاب السنن والأخبار، وقد تصرفوا فيه إذ نقلوه بالمعنى، لأن لفظه الثابت إن النبي يهجر ، لكنهم ذكروا أنه قال: إن النبي قد غلب عليه الوجع تهذيبا للعبارة، وتقليلا لما يستهجن منها، ويدل على ذلك ما أخرجه أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري في كتاب السقيفة[5] بالإسناد إلى ابن عباس، قال: ” لما حضرت رسول الله الوفاة ، وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب ، قال رسول الله : إئتوني بدواة وصحيفة أكتب لكم كتابا لا تضلون بعده ، ( قال ) : فقال عمر كلمة معناها أن الوجع قد غلب على رسول الله صلى الله عليه وآله ، ثم قال : عندنا القرآن حسبنا كتاب الله ، فاختلف من في البيت واختصموا ، فمن قائل : قربوا يكتب لكم النبي ، ومن قائل ما قال عمر ، فلما أكثروا اللغط واللغو والاختلاف غضب صلى الله عليه وآله ، فقال : قوموا . . . الحديث ” وتراه صريحا بأنهم إنما نقلوا معارضة عمر بالمعنى لا بعين لفظه . ويدلك على هذا أيضا أن المحدثين حيث لم يصرحوا باسم المعارض يومئذ ، نقلوا المعارضة بعين لفظها، قال البخاري في باب جوائز الوفد من كتاب الجهاد والسير من صحيحه[6]: حدثنا قبيصة حدثنا ابن عيينة عن سلمان الأحول عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ، أنه قال : يوم الخميس وما يوم الخميس ، ثم بكى حتى خضب دمعه الحصباء ، فقال : اشتد برسول الله وجعه يوم الخميس ، فقال : إئتوني بكتاب أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا ، فتنازعوا ، ولا ينبغي عند نبي تنازع ، فقالوا : هجر رسول الله ، قال صلى الله عليه وآله وسلم : دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه ، وأوصى عند موته بثلاث : أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم ، ( قال ) ونسيت الثالثة )[7]. هذا الحديث أخرجه مسلم أيضا في آخر كتاب الوصية من صحيحه ، وأحمد من حديث ابن عباس في مسنده[8]، ورواه سائر المحدثين ، وأخرج مسلم في كتاب الوصية من الصحيح عن سعيد بن جبير من طريق آخر عن ابن عباس، قال: ( يوم الخميس وما يوم الخميس ، ثم جعل تسيل دموعه حتى رؤيت على خديه كأنها نظام اللؤلؤ ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إئتوني بالكتف والدواة ، أو اللوح والدواة ، أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا ، فقالوا : إن رسول الله يهجر)[9]. ومن ألم بما حول هذه الرزية من الصحاح ، يعلم أن أول من قال يومئذ: هجر رسول الله إنما هو عمر ، ثم نسج على منواله من الحاضرين من كانوا على رأيه ، وقد سمعت قول ابن عباس – في الحديث الأول[10] – : فاختلف أهل البيت فاختصموا ، منهم من يقول : قربوا يكتب لكم النبي كتابا لن تضلوا بعده ، ومنهم من يقول : ما قال عمر – أي يقول : هجر رسول الله – وفي رواية أخرجها الطبراني في الأوسط عن عمر[11]، قال : ” لما مرض النبي قال : إئتوني بصحيفة ودواة ، أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا ، فقال النسوة من وراء الستر : ألا تسمعون ما يقول رسول الله صلى الله عليه وآله ، قال عمر : فقلت إنكن صويحبات يوسف إذا مرض رسول الله عصرتن أعينكن ، وإذا صح ركبتن عنقه ! قال : فقال رسول الله : دعوهن فإنهن خير منكم ” ‍. وأنت ترى أنهم لم يتعبدوا هنا بنصه الذي لو تعبدوا به لأمنوا من الضلال ، وليتهم اكتفوا بعدم الامتثال ولم يردوا قوله إذ قالوا : حسبنا كتاب الله ، حتى كأنه لا يعلم بمكان كتاب الله منهم ، أو أنهم أعلم منه بخواص الكتاب وفوائده ، وليتهم اكتفوا بهذا كله ولم يفاجئوه بكلمتهم تلك – هجر رسول الله – وهو محتضر بينهم، وأي كلمة كانت وداعا منهم له صلى الله عليه وآله ، وكأنهم – حيث لم يأخذوا بهذا النص اكتفاء منهم بكتاب الله على ما زعموا – لم يسمعوا هتاف الكتاب آناء الليل وأطراف النهار في أنديتهم * ( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) * وكأنهم حيث قالوا : هجر ، لم يقرأوا قوله تعالى : * ( إنه لقول رسول كريم ذي قوة عند ذي العرش مكين مطاع ثَمّ أمين وما صاحبكم بمجنون ) * وقوله عز من قائل : * ( إنه لقول رسول كريم وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون تنزيل من رب العالمين ) * وقوله جل وعلا * ( ما ضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى علمه شديد القوى ) * إلى كثير من أمثال هذه الآيات البينات ، المنصوص فيها على عصمة قوله من الهجر ، على أن العقل بمجرده مستقل بذلك ، لكنهم علموا أنه صلى الله عليه وآله وسلم ، إنما أراد توثيق العهد بالخلافة ، وتأكيد النص بها على علي خاصة ، وعلى الأئمة من عترته عامة ، فصدوه عن ذلك كما اعترف به الخليفة الثاني في كلام دار بينه وبين ابن عباس[12]. وأنت إذا تأملت في قوله صلى الله عليه وآله : إئتوني أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده ، وقوله في حديث الثقلين : إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا ، كتاب الله وعترتي أهل بيتي، تعلم أن المرمى فيالحديثين واحد ، وأنه صلى الله عليه وآله وسلم ، أراد في مرضه أن يكتب لهم تفصيل ما أوجبه عليهم في حديث الثقلين.

هل فعلا الرسول (ص) لم يكن قاصدا لكتابة شئ من الأشياء ، وإنما أراد بكلامه مجرد اختبارهم لا غير ؟

هل فعلا الرسول (ص) لم يكن قاصدا لكتابة شئ من الأشياء ، وإنما أراد بكلامه مجرد اختبارهم لا غير ؟

تبين إذن حديث رزية يوم الخميس حديث صحيح لا يسعهم إنكاره، ولكنهم حاولوا الاعتذار لفعلة عمر بأقوال منها: – إنه (ص) حين أمرهم بإحضار الدواة والبياض ، لم يكن قاصدا لكتابة شئ من الأشياء ، وإنما أراد بكلامه مجرد اختبارهم لا غير ، فهدى الله عمر لذلك دون غيره من الصحابة ، فمنعهم من إحضارهما فيجب – على هذا – عد تلك الممانعة في جملة موافقاته لربه تعالى، وتكون من كراماته. وجوابه: إن قوله عليه الصلاة والسلام: ” لا تضلوا بعده ” يأبى ذلك ، لأنه جواب ثاني للأمر ، فمعناه أنكم إن أتيتم بالدواة والبياض ، وكتبت لكم ذلك الكتاب لا تضلوا بعده ، ولا يخفى أن الأخبار بمثل هذا الخبر لمجرد الاختبار إنما هو من نوع الكذب الواضح ، الذي يجب تنزيه كلام الأنبياء عنه ، ولاسيما في موضع يكون ترك إحضار الدواة والبياض أولى من إحضارهما على حد قولكم. كما إن هذه الواقعة إنما كانت حال احتضاره بأبي وأمي كما هو صريح الحديث، فالوقت لم يكن وقت اختبار ، وإنما كان وقت إعذار وإنذار ، ووصية بكل مهمة، ونصح تامة للأمة ، والمحتضر بعيد عن الهزل والمفاكهة ، مشغول بنفسه وبمهماته ومهمات ذويه ولاسيما إذا كان نبيا . وإذا كانت صحته مدة حياته كلها لم تسع اختبارهم ، فكيف يسعها وقت احتضاره ، على أن قوله صلى الله عليه وآله وسلم – حين أكثروا اللغو واللغط والاختلاف عنده – : قوموا ، ظاهر في استيائه منهم ، ولو كان الممانعون مصيبين لأستحسن ممانعتهم ، وأظهر الارتياح إليها ، ومن ألم بأطراف هذا الحديث ولاسيما قولهم : هجر رسول الله ، يقطع بأنهم كانوا عالمين أنه إنما يريد أمرا يكرهونه،ولذا فاجأوه بتلك الكلمة ، وأكثروا عنده اللغو واللغط والاختلاف كما لا يخفى ، وبكاء ابن عباس بعد ذلك لهذه الحادثة ، وعدها رزية دليل على بطلان قولهم.

هل كان امر الرسول (ص) امر مشورة لاصحابه ؟

هل كان امر الرسول (ص) امر مشورة لاصحابه ؟

– إن الأمر لم يكن أمر عزيمة وإيجاب ، حتى لا تجوز مراجعته ، ويصير المراجع عاصيا ، بل كان أمر مشورة ، وكانوا يراجعونه عليه السلام في بعض تلك الأوامر ، ولاسيما عمر ، فإنه كان يعلم من نفسه أنه موفق للصواب في إدراك المصالح ، وكان صاحب إلهام من الله تعالى ، وقد أراد التخفيف عن النبي إشفاقا عليه من التعب الذي يلحقه بسبب إملاء الكتاب في حال المرض والوجع ، وقد رأى، أن ترك إحضار الدواة والبياض أولى ، وربما خشي أن يكتب النبي عليه السلام أمورا يعجز عنها الناس ، فيستحقون العقوبة بسبب ذلك لأنها تكون منصوصة لا سبيل إلى الاجتهاد فيها ، ولعله خاف من المنافقين أن يقدحوا في صحة ذلك الكتاب لكونه في حال المرض فيصير سببا للفتنة ، فقال : حسبنا كتاب الله لقوله تعالى : * ( ما فرطنا في الكتاب من شئ ) * وقوله : * ( اليوم أكملت لكم دينكم ) وكأنه أمن من ضلال الأمة حيث أكمل الله لها الدين وأتم عليها النعمة. وجوابه: إن قوله (ص): لا تضلوا ، يفيد أن الأمر أمر عزيمة وإيجاب ، لأن السعي فيما يوجب الأمن من الضلال واجب مع القدرة عليه بلا ارتياب ، واستياؤه منهم وقوله لهم قوموا ، حين لم يمتثلوا أمره دليل آخر على أن الأمر إنما كان للإيجاب لا للمشورة، أي إنه دليل على أنهم تركوا أمرا من الواجبات عليهم. أما قولهم: إن عمر كان موفقا للصواب في إدراك المصالح ، وكان صاحب إلهام من الله تعالى، فهذا مما لا يصغى إليه في مقامنا هذا ، لأنه يرمي إلى أن الصواب في هذه الواقعة إنما كان في جانبه لا في جانب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وأن إلهامه يومئذ كان أصدق من الوحي الذي نطق عنه الصادق الأمين صلى الله عليه وآله وسلم . أما قولهم : بأنه أراد التخفيف عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إشفاقا عليه من التعب الذي يلحقه بسبب إملاء الكتاب في حال المرض ، فخلاف الحقيقة فإن في كتابة ذلك الكتاب راحة قلب النبي ، وبرد فؤاده ، وقرة عينه ، وأمنه على أمته صلى الله عليه وآله ، من الضلال. على أن الأمر المطاع ، والإرادة المقدسة ، مع وجوده الشريف إنما هما له ، وقد أراد – بأبي وأمي – إحضار الدواة والبياض ، وأمر به فليس لأحد أن يرد أمره أو يخالف إرادته لقوله تعالى: ( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ، ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا ). على أن مخالفتهم لأمره في تلك المهمة العظيمة ، ولغوهم ولغطهم واختلافهم عنده ، كان أثقل عليه وأشق من إملاء ذلك الكتاب الذي يحفظ أمته من الضلال ، ومن يشفق عليه من التعب بإملاء الكتاب كيف يعارضه ويفاجئه بقوله هجر؟!

هل عمر رأى أن ترك إحضار الدواة والورق أولى ؟

هل عمر رأى أن ترك إحضار الدواة والورق أولى ؟

– وقالوا : إن عمر رأى أن ترك إحضار الدواة والورق أولى. جوابه: هذا من أغرب الغرائب ، وأعجب العجائب ، وكيف يكون ترك إحضارهما أولى مع أمر النبي (ص) بإحضارهما ، وهل كان عمر يرى أن رسول الله يأمر بالشيء الذي يكون تركه أولى؟

هل عمر خشي ان يكتب النبي (ص) امورا يعجز عنها الناس ؟

هل عمر خشي ان يكتب النبي (ص) امورا يعجز عنها الناس ؟

وأغرب من هذا قولهم : وربما خشي أن يكتب النبي أمورا يعجز عنها الناس فيستحقون العقوبة بتركها. جوابه: كيف يخشى من ذلك مع قول النبي : لا تضلوا بعده ؟ أتراهم يرون عمر أعرف منه بالعواقب ، وأحوط منه وأشفق على أمته ؟ كلا .

هل عمر خاف من المنافقين أن يقدحوا في صحة ذلك الكتاب؟

هل عمر خاف من المنافقين أن يقدحوا في صحة ذلك الكتاب؟

– وقالوا : لعل عمر خاف من المنافقين أن يقدحوا في صحة ذلك الكتاب ، لكونه في حال المرض فيصير سببا للفتنة. جوابه: هذا محال مع وجود قوله صلى الله عليه وآله وسلم : لا تضلوا ، لأنه نص بأن ذلك الكتاب سبب للأمن عليهم من الضلال ، فكيف يمكن أن يكون سببا للفتنة بقدح المنافقين ؟ وإذا كان خائفا من المنافقين أن يقدحوا في صحة ذلك الكتاب ، فلماذا بذر لهم بذرة القدح حيث عارض ومانع ، وقال هجر . وأما قولهم في تفسير قوله : حسبنا كتاب الله أنه تعالى قال : * ( ما فرطنا في الكتاب من شيء ) * وقال عز من قائل : * ( اليوم أكملت لكم دينكم ) * فغير صحيح ، لأن الآيتين لا تفيدان الأمن من الضلال ، ولا تضمنان الهداية للناس ، فكيف يجوز ترك السعي في ذلك الكتاب اعتمادا عليهما ؟ ولو كان وجود القرآن العزيز موجبا للأمن من الضلال ، لما وقع في هذه الأمة من الضلال والتفرق ، ما لا يرجى زواله.

هل فهم عمر امر الرسول (ص) بشكل مغاير ؟

هل فهم عمر امر الرسول (ص) بشكل مغاير ؟

– وقالوا في الجواب الأخير : إن عمر لم يفهم من الحديث أن ذلك الكتاب سيكون سببا لحفظ كل فرد من أمته من الضلال ، وإنما فهم أنه سيكون سببا لعدم اجتماعهم على الضلال بعد كتابته. ( قالوا ) : وقد علم أن اجتماعهم على الضلال مما لا يكون أبدا ، كتب ذلك الكتاب أو لم يكتب ، ولهذا عارض يومئذ تلك المعارضة . جوابه: وفيه إن عمر لم يكن بهذا المقدار من البعد عن الفهم ، وما كان ليخفى عليه من هذا الحديث ما ظهر لجميع الناس ، لأن القروي والبدوي إنما فهما منه أن ذلك الكتاب لو كتب لكان علة تامة في حفظ كل فرد من الضلال ، وهذا المعنى هو المتبادر من الحديث إلى أفهام الناس ، وعمر كان يعلم يقينا أن الرسول صلى الله عليه وآله ، لم يكن خائفا على أمته أن تجتمع على الضلال ، لأنه كان يسمع قوله صلى الله عليه وآله : لا تجتمع أمتي على ضلال ، ولا تجتمع على الخطأ ، وقوله : لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق . . . وقوله تعالى * ( وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ) * إلى كثير من نصوص الكتاب والسنة الصريحين بأن الأمة لا تجتمع بأسرها على الضلال ، فلا يعقل مع هذا أن يسنح في خاطر عمر أو غيره أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، حين طلب الدواة والبياض ، كان خائفا من اجتماع أمته على الضلال ، والذي يليق بعمر أن يفهم من الحديث ما يتبادر منه إلى الأذهان ، لا ما تنفيه صحاح السنة ومحكمات القرآن . على أن استياء النبي صلى الله عليه وآله وسلم منهم ، المستفاد من قوله : قوموا ، دليل على أن الذي تركوه كان من الواجب عليهم ، ولو كانت معارضة عمر عن اشتباه منه في فهم الحديث كما زعموا لأزال النبي شبهته وأبان له مراده منه ، بل لو كان في وسع النبي أن يقنعهم بما أمرهم به ، لما آثر إخراجهم عنه ، وبكاء ابن عباس وجزعه من أكبر الأدلة على ما نقوله .

توجيهات أخرى للحادثة، وجوابها

توجيهات أخرى للحادثة، وجوابها

وضعوا حديثا أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أراد أن يكتب لأبي بكر ولم يكتب: عن عائشة : ” إن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قال : ادعي لي أباك وأخاك حتى أكتب لأبي بكر كتابا ، فاني أخاف أن يقول قائل ويتمنى ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر “[13]. وعنها في لفظ : ” لقد هممت أو أردت أن أرسل إلى أبيك وإلى أخيك ، فإنني آمر وأعهد عهدي ، فلا يطمع في الأمر طامع ، ولا يقول القائلون أو يتمنى المتمنون. ثم قال : كلا يأبى الله ويدفع المؤمنون – أو يدفع المؤمنون ويأبى المؤمنون – وقال بعضهم في حديث : ويأبى الله إلا أبا بكر ” . وفي لفظ ابن أبي الحديد عن عروة عن عائشة : ” إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال : ادعي لي أباك حتى أكتب لأبي بكر كتابا ، فإني أخاف أن يقول قائل ويتمنى متمن ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر “[14]. وفي لفظ عن ابن أبي مليكة عن عائشة قالت : ” لما ثقل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) دعا عبد الرحمن بن أبي بكر فقال : ائتني بكتف حتى أكتب لأبي بكر كتابا لا يختلف عليه ، فذهب عبد الرحمن ليقوم فقال : اجلس أبى الله والمؤمنون أن يختلف على أبي بكر ” . إلى غير ذلك من ألفاظ الحديث. هذا الحديث – مضافا إلى ما قاله ابن أبي الحديد من أنه مصنوع وإلى ما في لفظ الحديث من المخالفة والمباينة – بعيد لأنه لو كان الغرض نصب أبي بكر لولاية الأمر لما خالف عمر ” وقد قال شارح المقاصد في قصة الفلتة : كيف يتصور من عمر القدح في إمامة أبي بكر مع ما علم من مبالغته في تعظيمه وانعقاد البيعة له ، ومن صيرورته خليفة باستخلافه ، وروي أنه لما كتب أبو بكر وصيته في عمر وأرسلها بيد رجلين ليقرءانها على الناس قالا للناس : هذا ما كتبه أبو بكر ، فإن قبلتموه نقرأه ، وإلا نرده ، فقال طلحة : اقرأه وإن كان فيه عمر ، فقال له عمر : من أين عرفت ذكري فيه ؟ فقال طلحة : وليته بالأمس وولاك اليوم “. ولا يخفى تفاني عمر في خلافة أبي بكر واجتهاده في تحكيمه وإعماله ، فكيف يخالف الكتاب لو كان المراد هو تعيين أبي بكر كما يقولون ” وعمر هو الذي شيد بيعة أبي بكر ، وأرغم المخالفين فيها ، فكسر سيف الزبير لما جرده ، ودفع في صدر المقداد ، ووطأ في السقيفة سعد بن عبادة وقال : اقتلوا سعدا قتل الله سعدا ، وحطم أنف الحباب بن المنذر الذي قال يوم السقيفة أنا جذيلها المحكك ، وتوعد من لجأ إلى دار فاطمة ( عليها السلام ) من الهاشميين ، وأخرجهم منها ، ولولاه لم يثبت لأبي بكر أمر ولا قامت له قائمة “[15]. وإلى ذلك يشير معاوية في جواب محمد بن أبي بكر[16]: ” وقد كنا وأبوك معنا في حياة من نبينا نرى حق ابن أبي طالب لازما لنا ، وفضله مبرزا علينا ، فلما اختار الله لنبيه ما عنده وأتم له ما وعده . . فكان أبوك وفاروقه أول من ابتزه وخالفه على ذلك اتفقا واتسقا . . فإن يكن ما نحن فيه صوابا فأبوك أوله ، وإن يكن جورا فأبوك أسسه . . ” . بل إن عمر اعترف لابن عباس بالحقيقة: روى ابن عباس عن عمر في قصة جرت بينه وبين عمر قال : ” أراد أن يذكره ( يعني أراد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أن يذكر عليا ) للأمر في مرضه ، فصددته عنه خوفا من الفتنة وانتشار أمر الإسلام ، فعلم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ما في نفسي فأمسك وأبى الله إلا إمضاء ما حتم “[17]. وفي رواية أخرى : روى ابن عباس قال : ” دخلت على عمر في أول خلافته و . . . قال : من أين جئت يا عبدالله ؟ قلت : من المسجد قال : كيف خلفت ابن عمك ؟ فظننته يعني عبد الله بن جعفر قلت : خلفته يلعب مع أترابه قال : لم أعن ذلك إنما عنيت عظيمكم أهل البيت ، قلت : خلفته يمتح بالغرب على نخيلات من فلان ويقرأ القرآن ، قال : يا عبد الله عليك دماء البدن إن كتمتنيها هل بقي في نفسه شئ من أمر الخلافة ؟ قلت : نعم قال : يزعم أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) نص عليه قلت : نعم وأزيدك سألت أبي عما يدعيه فقال : صدق. فقال عمر : لقد كان من رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في أمره ذرو من القول لا يثبت حجة ولا يقطع عذرا ، ولقد كان يزيغ في أمره[18] وقتا ما ، ولقد أراد في مرضه أن يصرح باسمه فمنعت من ذلك إشفاقا وحيطة على الإسلام لا ورب هذه البنية لا تجتمع عليه قريش أبدا “[19]. وروى ابن عباس قال : ” خرجت مع عمر إلى الشام . . . فقال لي : يا ابن عباس أشكو إليك ابن عمك سألته أن يخرج معي فلم يفعل ولا أزال أراه واجدا ، فما تظن موجدته ؟ قلت : يا أمير المؤمنين إنك لتعلم ، قال : أظنه لا يزال كئيبا لفوت الخلافة ، قلت : هو ذلك إنه يزعم أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أراد الأمر له ، فقال : يا ابن عباس وأراد رسول الله الأمر فكان ماذا إذا لم يرد الله تعالى ذلك ! إن رسول الله أراد أمرا ، وأراد الله غيره ، فنفذ أمر الله ، ولم ينفذ مراد رسوله ، أو كلما أراد رسول الله كان . . . “[20]. يعترف عمر بأن النبي ( صلى الله عليه وآله ) أراد الأمر له ، وقال ” لقد كان من رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في أمره ذرو من القول ” وأنه منعه من ذلك إشفاقا للأمة وحيطة على الإسلام ، وكان أشفق على الإسلام وأشد احتياطا له من النبي ( صلى الله عليه وآله )!! يعلل عمله بذلك تارة وبإرادة الله تعالى أخرى . ومما يؤيد ما ذكرناه هو أنه لو كان ما أراده حكما من الأحكام لما كان وجه لمنع عمر ، وكذا لو كان غرضه ( صلى الله عليه وآله ) خلافة أبي بكر ، لأنه إن كان المراد النص على حكم فرعي فردي أو اجتماعي لم يكن مهما عنده يبعثه على الاعتراض والتكلم بما قال ، وكذا لو كان المقصود كتابة خلافة أبي بكر ، لأن عمر هو مشيد أركان خلافته ، ومؤيد أثافي حكومته ، الراجع في الحقيقة على ما دبر وإلى تأسيس نظام حكومة نفسه كما قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : ” احلب حلبا لك شطره ” فلا وجه حينئذ لمخالفته ، فمنع عمر وأعضاده وأعوانه يدل على أن غرضه ( صلى الله عليه وآله ) كان التنصيص على خلافة علي ( عليه السلام ) والأئمة من ولده . ويؤيده أيضا أسف ابن عباس واعتباره عدم الكتابة رزية وأية رزية يبكي عليها بكاء الثكلى حتى تبل دموعه الحصى. ومنه يتبين أنه (ص) لم يكن بوارد الإيصاء بأمر فرعي كما رووا، عن علي بن أبي طالب : ” إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لما ثقل قال : يا علي ائتني بطبق أكتب فيه ما لا تضل أمتي من بعدي قال : فخشيت أن تسبقني نفسه فقلت : إني أحفظ ذراعا من الصحيفة قال : فكان رأسه بين ذراعي وعضدي فجعل يوصي بالصلاة والزكاة . . حتى فاضت نفسه “[21]. وقال ابن الأثير في النهاية: ومنه حديث مرض النبي ( صلى الله عليه وآله ) قالوا : ما شأنه أهجر أي: اختلف كلامه بسبب المرض على سبيل الاستفهام ، أي : هل تغير كلامه واختلط لأجل ما به من المرض ، وهذا أحسن ما يقال فيه ، ولا يجعل إخبارا فيكون إما من الفحش أو الهذيان ، والقائل كان عمر ، ولا يظن به ذلك[22]. أقول: جعل جلالة شأن القائل قرينة على صرف اللفظ عن معناه إلى الاستفهام مع أن إطلاق هذه الكلمة على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ونسبتها إليه ولو استفهاما كفر ، والعياذ بالله وكما أن نسبتها إخبارا إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لا تجوز ، فكذا احتمالا واستفهاما . بلى يقول عمر ذلك كما قال : ” لقد كان من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ذرو من القول . . . ولقد كان يزيغ في أمره وقتا ما . . ” إذ نسبة الزيغ إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لا تقصر عن نسبة الهجر إليه في الدلالة. مع أن أكثر النسخ المروية برواية عبيد الله وسعيد هو بالجملة الخبرية ، والحديث واحد ، واللفظ واحد ، وإنما غيره الرواة حفظا لكرامة القائل كما صرح بذلك بعض من أن عمر قال : إنه يهجر كما في شرح الخفاجي والطرائف أو قال غلبه الوجع أو اشتد به الوجع ، أو إن الرجل يهجر . فهلم معي نسائل القائل في مقاله هذا : ألم يسمع قوله تعالى : * ( وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع ) *[23]. وقوله تعالى : * ( ومن يطع الرسول فقد أطاع الله ) *[24]. وقوله تعالى : * ( وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ) *[25]. وقوله تعالى : * ( إن أتبع إلا ما يوحى إلي ) *[26]. وقوله تعالى : * ( إنما اتبع ما يوحى إلي ) *[27] إلى آيات أخرى كثيرة . بلى سمعوا ذلك ولكنهم لم يعتنقوا ولم يعتقدوا ما تفيده الآيات الكريمة في رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من المنزلة الرفيعة السامية والعصمة من المعاصي والخطأ والزلل ، بل لم يعتقدوا بأنه لا يحتاج إلى آرائهم وأفكارهم * ( أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون ) *[28]. ولأجل ذلك قالوا ما قالوا في الحديبية حتى قال ابن أبي الحديد : ” قال للنبي ( صلى الله عليه وآله ) : ألم تقل لنا : ستدخلونها في ألفاظ نكره حكايتها حتى شكاه النبي ( صلى الله عليه وآله ) إلى أبي بكر “[29]. وقال في تحريم المتعتين : ” أنا زميل محمد “[30].

...ونسيت الثالثة

...ونسيت الثالثة

وقال البخاري في آخر الحديث المشتمل على قولهم هجر رسول الله: ما هذا لفظه : ” وأوصى عند موته بثلاث : أخرجوا المشركين من جزيرة العرب وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزه – ثم قال – ونسيت الثالثة وكذلك قال مسلم في صحيحه[31]. أقول: كيف نسي الثالثة، وما عساها تكون غير الوصية بعلي وولده عليهم السلام؟ أما دعوى عائشة بأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، لحق بربه تعالى وهو في صدرها ؟؟؟؟ فهي معارضة بما ثبت من لحوقه صلى الله عليه وآله وسلم ، بالرفيق الأعلى وهو في صدر أخيه ووليه ، علي بن أبي طالب ، بحكم الصحاح المتواترة عن أئمة العترة الطاهرة، وحكم غيرها من صحاح أهل السنة[32].

ولكن هل كُتبت الوصية ؟

ولكن هل كُتبت الوصية ؟

بعد كل ما قلنا يبقى السؤال الأهم وهو هل كتب رسول الله (ص) وصيته، أو الكتاب العاصم من الضلال، أم إنه ترك كتابته نهائياً بعد ما حدث من لغط ؟ الجواب الذي نسعى لإقامة الدليل عليه هو أن الوصية قد كُتبت بالتأكيد، ونصها موجود بين أيدينا في الكتب.

الدلائل على أن الوصية قد كُتبت أولاً: الآيات القرآنية

الدلائل على أن الوصية قد كُتبت أولاً: الآيات القرآنية

قوله تعالى: { كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ }[33]. هذه الآية يُستفاد منها وجوب الوصية بحسب البعض واستحبابها بحسب آخرين، فقد حصل فيها خلاف بين المسلمين ينبغي تحريره قبل الخوض في بيان وجه الاستدلال بها. وإذا كان الشيعة لا يختلفون بصحة الوصية عند الموت، فإن العامة لهم أقوال يحسن البحث فيها، وبيان نصيبها من الصحة أو عدمها. فمن جملة أقوالهم، قولهم: إن الآية منسوخة بآية المواريث وبما يروي عن النبي (صلى الله عليه وآله) من طرق مختلفة من أنه لا وصية لوارث. الجواب: أ- إن النسخ بين الخبرين إنما يكون إذا تنافى العمل بموجبهما ولا تنافي بين آية المواريث وآية الوصية والعمل بمقتضاهما جميعا جائز سائغ، فكيف يجوز أن يدعي في آية المواريث أنها ناسخة لآية الوصية مع فقد التنافي؟ والنسخ موقوف على تأخر آية المواريث عن هذه الآية ، وأنى للقائل بالنسخ إثبات ذلك؟ ب- الأخبار المروية في هذا الباب لا اعتبار بها لأنها إذا سلمت من كل قدح وجرح وتضعيف تقتضي الظن ولا تنتهي إلى العلم اليقين، ولا يجوز أن ينسخ كتاب الله تعالى الذي يوجب العلم واليقين، بما يقتضي الظن. وإذا كان كتاب الله تعالى لا يُخصص بأخبار الآحاد فالأولى أن لا يُنسخ بها. والقوم يعولون على خبر يرويه شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن عثمان عن عمرو بن خارجة عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) أنه قال : لا يجوز لوارث وصية. وعلى خبر يرويه إسماعيل بن عياش عن شرحبيل بن مسلم عن أبي إمامة الباهلي قال : سمعت النبي ( صلى الله عليه وآله ) يقول في خطبته عام حجة الوداع : ألا إن الله تعالى قد أعطى كل ذي حق حقه ، فلا وصية لوارث. وعلى خبر يرويه إسحاق بن إبراهيم الهروي عن سفيان بن عيينة عن عمرو ابن دينار، عن جابر بن عبد الله عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) أنه قال : لا وصية لوارث. ويرد عليها: 1- أما خبر شهر بن حوشب فهو عند نقاد الحديث مضعف كذاب، ومع ذلك فإنه تفرد به عن عبد الرحمن بن عثمان وتفرد به عبد الرحمن عن عمرو بن خارجة ، وليس لعمرو بن خارجة عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) إلا هذا الحديث ، ومن البعيد أن يخطب النبي ( صلى الله عليه وآله ) في الموسم بأنه لا وصية لوارث فلا يرويه عنه المطيفون به من أصحابه ، ويرويه أعرابي مجهول وهو عمرو بن خارجة ، ثم لا يرويه عن عمرو إلا عبد الرحمن ، ولا يرويه عن عبد الرحمن إلا شهر بن حوشب وهو ضعيف متهم عند جميع الرواة ! وأما حديث أبي أمامة فلا يثبت وهو مرسل، لأن الذي رواه عنه شرحبيل ابن مسلم وهو لم يلق أبا أمامة ورواه عن شرحبيل إسماعيل بن عياش وحده وهو ضعيف. وحديث عمرو بن شعيب أيضا مرسل، وعمرو ضعيف لا يحتج بحديثه. وحديث جابر أسنده أبو موسى الهروي وهو ضعيف متهم في الحديث، وجميع من رواه عن عمرو بن دينار لم يذكروا جابراً ولم يسندوه . وما روي عن ابن عياش لا أصل له عند الحفاظ. وراوية حجاج بن محمد عن ابن جريح عن عطاء الخراساني وعطاء الخراساني ضعيف ولم يلق ابن عياش وإنما أرسله عنه. 2- ادعاؤهم: النسخ بقوله (ص): ( لا وصية لوارث )، لا يتم لأنه خبر واحد، ولا يجوز نسخ القرآن بأخبار الآحاد بلا خلاف. وإذا ادعوا: الإجماع على صحة الخبر. فالإجماع غير مُسلّم. 3 – أن الرواية لو صحت ، وسلمت عن المعارضة بشيء فهي لا تصلح لنسخ الآية، لأنها لا تنافيها في المدلول. غاية الأمر أنها تكون مقيدة لإطلاق الآية فتختص الوصية بالوالدين إذا لم يستحقا الإرث لمانع ، وبمن لا يرث من الأقربين فالآية محكمة وليست منسوخة . 4- إن هذا لا يتم في الأقربين، فإنه لا إرث لهم مع الولد ، فكيف يعقل أن تكون آية المواريث ناسخة لحكم الوصية للأقربين ؟ – قول الرازي في تفسيره[34]: (( … واعلم أن الناس اختلفوا في هذه الوصية ، منهم من قال : كانت واجبة ومنهم من قال : كانت ندبا واحتج الأولون بقوله : * ( كتب ) * وبقوله : * ( عليكم ) * وكلا اللفظين ينبئ عن الوجوب ، ثم إنه تعالى أكد ذلك الإيجاب بقوله : * ( حقا على المتقين ) * وهؤلاء اختلفوا منهم من قال هذه الآية صارت منسوخة ، ومنهم من قال إنها ما صارت منسوخة ، وهذا اختيار أبي مسلم الأصفهاني ، وتقرير قوله من وجوه أحدها : أن هذه الآية ما هي مخالفة لآية المواريث ومعناها كتب عليكم ما أوصى به الله تعالى من توريث الوالدين والأقربين من قوله تعالى : ( يوصيكم الله في أولادكم )[35] أو كتب على المختصر أن يوصيكم للوالدين والأقربين بتوفير ما أوصى به الله لهم عليهم وأن لا ينقص من أنصباتهم. وثانيها: أنه لا منافاة بين ثبوت الميراث للأقرباء مع ثبوت الوصية بالميراث عطية من الله تعالى والوصية عطية ممن حضره الموت، فالوارث جمع له بين الوصية والميراث بحكم الآيتين. وثالثها: لو قدرنا حصول المنافاة لكان يمكن جعل آية الميراث مخصصة لهذه الآية وذلك لأن هذه الآية توجب الوصية للأقربين، ثم آية الميراث تخرج القريب الوارث ويبقى القريب الذي لا يكون وارثاً داخلا تحت هذه الآية، وذلك لأن من الوالدين من يرث، ومنهم من لا يرث، وذلك بسبب اختلاف الدين والرق والقتل ومن الأقارب الذين لا يسقطون في فريضة من لا يرث بهذه الأسباب الحاجبة ومنهم من يسقط في حال ويثبت في حال، إذا كان في الواقعة من هو أولى بالميراث منهم، ومنهم من يسقط في كل حال إذا كانوا ذوي رحم فكل من كان من هؤلاء وارثا لم يجز الوصية له ، ومن لم يكن وارثا جازت الوصية له لأجل صلة الرحم، فقد أكد الله تعالى ذلك بقوله: ( واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام )[36] وبقوله: ( إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى )[37]. فهذا تقرير مذهب أبي مسلم في هذا الباب. أما القائلون بأن الآية منسوخة فيتوجه تفريعا على هذا المذهب أبحاث: البحث الأول: اختلفوا في أنها بأي دليل صارت منسوخة ؟ وذكروا وجوها أحدهما: أنها صارت منسوخة بإعطاء الله تعالى أهل المواريث كل ذي حق حقه فقط وهذا بعيد لأنه لا يمتنع مع قدر من الحق بالميراث وجوب قدر آخر بالوصية وأكثر ما يوجبه ذلك التخصيص لا النسخ بأن يقول قائل : إنه لا بد وأن تكون منسوخة فيمن لم يختلف إلا الوالدين من حيث يصير كل المال حقا لهما بسبب الإرث فلا يبقى للوصية شيء إلا أن هذا تخصيص لا نسخ. وثانيها : أنها صارت منسوخة بقوله عليه السلام: ” ألا لا وصية لوارث ” وهذا أقرب إلا أن الإشكال فيه أن هذا خبر واحد فلا يجوز نسخ القرآن به ، وأجيب عن هذا السؤال بأن هذا الخبر وإن كان خبر واحد إلا أن الأئمة تلقته بالقبول فالتحق بالمتواتر. ولقائل أن يقول: يدعى أن الأئمة تلقته بالقبول على وجه الظن أو على وجه القطع، والأول مسلم إلا أن ذلك يكون إجماعا منهم على أنه خبر واحد، فلا يجوز نسخ القرآن به، والثاني ممنوع لأنهم لو قطعوا بصحته مع أنه من باب الآحاد لكانوا قد أجمعوا على الخطأ وأنه غير جائز. وثالثها أنها صارت منسوخة بالإجماع والإجماع لا يجوز أن ينسخ به القرآن. لأن الإجماع يدل على أنه كان الدليل الناسخ موجودا إلا أنهم اكتفوا بالإجماع عن ذكر ذلك الدليل، ولقائل أن يقول: لما ثبت أن في الأمة من أنكر وقوع هذا النسخ فكيف يدعى انعقاد الإجماع على حصول النسخ؟ ورابعها : أنها صارت منسوخة بدليل قياسي وهو أن نقول : هذه الوصية لو كانت واجبة لكان عندما لم توجد هذه الوصية وجب أن لا يسقط حق هؤلاء الأقربين قياساً على الديون التي لا توجد الوصية بها لكن عندما لم توجد الوصية لهؤلاء الأقربين لا يستحقون شيئا، بدليل قوله تعالى في آية المواريث : ( من بعد وصية يوصي بها أو دين )[38] وظاهر الآية يقتضي أنه إذا لم تكن وصية ولا دين ، فالمال أجمع مصروف إلى أهل الميراث، ولقائل أن يقول: نسخ القرآن بالقياس غير جائز والله أعلم. البحث الثاني: القائلون بأن هذه الآية صارت منسوخة اختلفوا على قولين منهم من قال: إنها صارت منسوخة في حق من يرث وفي حق من لا يرث وهو قول أكثر المفسرين والمعتبرين من الفقهاء ، ومنهم من قال : إنها منسوخة فيمن يرث ثابتة فيمن لا يرث ، وهو مذهب ابن عباس والحسن البصري ومسروق وطاوس والضحاك ومسلم بن يسار والعلاء بن زياد حتى قال الضحاك : من مات من غير أن يوصي لأقربائه فقد ختم عمله بمعصية ، وقال طاوس : إن أوصى للأجانب وترك الأقارب نزع منهم ورد إلى الأقارب ، فعند هؤلاء أن هذه الآية بقيت دالة على وجوب الوصية للقريب الذي لا يكون وارثا ، وحجة هؤلاء من وجهين : الحجة الأولى : أن هذه الآية دالة على وجوب الوصية للقريب ترك العمل به في حق الوارث القريب ، إما بآية المواريث وإما بقوله عليه الصلاة والسلام : ” ألا لا وصية لوارث ” أو بالإجماع على أنه لا وصية للوارث، وههنا الإجماع غير موجود مع ظهور الخلاف فيه قديما وحديثا، فوجب أن تبقى الآية دالة على وجوب الوصية للقريب الذي لا يكون وارثا. الحجة الثانية : قوله عليه الصلاة والسلام: ” ما حق امرئ مسلم له مال أن يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده ” وأجمعنا على أن الوصية لغير الأقارب غير واجبة، فوجب أن تكون هذه الوصية الواجبة مختصة بالأقارب ، وصارت السنة مؤكدة للقرآن في وجوب هذه الوصية. وأما الجمهور القائلون بأن هذه الآية صارت منسوخة في حق القريب الذي لا يكون وارثا فأجود ما لهم التمسك بقوله تعالى: ( من بعد وصية يوصي بها أو دين ) وقد ذكرنا تقريره فيما قبل. البحث الثالث : القائلون بأن هذه الآية ما صارت منسوخة في حق القريب الذي لا يكون وارثا، اختلفوا في موضعين: الأول: نقل عن ابن مسعود أنه جعل هذه الوصية للأفقر فالأفقر من الأقرباء، وقال الحسن البصري: هم الأغنياء سواء. الثاني : روي عن الحسن وخالد بن زيد وعبد الملك بن يعلى أنهم قالوا فيمن يوصي لغير قرابته وله قرابة لا ترثه : يجعل ثلثي الثلث لذوي القرابة وثلث الثلث لمن أوصي له وعن طاوس أن الأقارب إن كانوا محتاجين انتزعت الوصية من الأجانب وردت إلى الأقارب والله أعلم )). أقول: وربما تعلق بعض المخالفين بأن الوصية للوارث إيثار لبعضهم على بعض وذلك مما يكسب العداوة والبغضاء بين الأقارب، ويدعو إلى عقوق الموصي وقطيعة الرحم. وهذا ضعيف جدا، لأنه إن منع من الوصية للأقارب ما ذكروه منع من تفضيل بعضهم على بعض في الحياة بالبر والإحسان لأن ذلك يدعو إلى الحسد والعداوة ولا خلاف في جوازه وكذلك الأول. وأما حملها على الوالدين والأقربين، إذا كانوا كفارا غير وارثين، فهو تخصيص بغير دليل. النتيجة: إن الوصية وإن كانت مستحبة كما قالوا، إلا أنها قد تكون واجبة لأمور طارئة، مثل أن يكون على الإنسان حقوق واجبة للناس أو لله قصّر في أدائها، أو كانت عنده أمانات وديون أو مثل ذلك بحيث لو لم يوصِ احتمل ضياع حقوق الناس بذلك، وأهم من الكل أن يكون للإنسان مكانة خاصة في المجتمع لو لم يوص لمن بعده وقعت اضطرابات وأمور مؤسفة ففي جميع هذه الصور تجب الوصية. فإنهم وإن قالوا إن الخير هو المال، إلا إننا نقول إن الخير أعم من المال، ولا شك في أن حفظ الأمة من الاختلاف خير كثير.

ثانياً : ابو بكر اوصى لعمر وعمر اوصى لجماعة

ثانياً : ابو بكر اوصى لعمر وعمر اوصى لجماعة

معلوم أن أبا بكر قد أوصى لعمر، وعمر أوصى لجماعة، الأمر الذي يدل على أنهم يفهمون ضرورة الوصية بالنسبة للقائد. ورد في تاريخ المدينة لابن شبة النميري[39]: (( عن إسماعيل بن أبي خالد عن زبيد ( ابن الحارث ) اليامي[40]. قال : لما حضرت أبا بكر الوفاة بعث إلى عمر يستخلفه . فقال الناس : استخلف علينا فظا غليظا . لو قد ملكنا كان أفظ وأغلظ . فماذا تقول لربك إذا لقيته وقد استخلفت علينا عمر ؟ فقال أبو بكر : أتخوفوني بربي ؟ ! أقول يا رب أمرت عليهم خير أهلك . ثم بعث إلى عمر فقال : إني موصيك بوصية إن حفظتها …الخ. عن سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب قال : سمعت أبا بكر بن سالم ، قال : لما حضر أبا بكر الموت أوصى . ” بسم الله الرحمن الرحيم هذا عهد من أبي بكر الصديق عند آخر عهده بالدنيا خارجا منها ، وأول عهده بالآخرة داخلا فيها ، حيث يؤمن الكافر ، ويتقي الفاجر ، ويصدق الكاذب ، إني استخلفت من بعدي عمر بن الخطاب ، فإن قصد وعدل فذاك ظني به ، وإن جار وبدل فالخير أردت ولا أعلم الغيب ” وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون “. ثم بعث إلى عمر فدعاه فقال : يا عمر أبغضك مبغض وأحبك محب ، وقد ما يبغض الخير ويحب الشر ، قال ( عمر ): فلا حاجة لي فيها ، قال : لكن لها بك حاجة ، قد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبته ، ورأيت أثرته أنفسنا على نفسه ، حتى أن كنا لنهدي لأهله فضل ما يأتينا منه ، ورأيتني وصحبتني ، وإنما اتبعت أثر من كان قبلي . والله ما نمت فحلمت ! ولا شبهت فتوهمت . وإني على طريقي ما زغت ، تعلم يا عمر أن لله حقا في الليل لا يقبله في النهار وحقا في النهار لا يقبله في الليل . وإنما ثقلت موازين من ثقلت موازينه يوم القيامة بإتباعهم الحق ، وحق لميزان لا يكون فيه إلا الحق أن يثقل ، وإنما خفت موازين من خفت موازينه يوم القيامة بإتباعهم الباطل ، وحق لميزان لا يكون فيه إلا الباطل أن يخف . إن أول من أحذرك نفسك وأحذرك الناس ، فإنهم قد طمحت أبصارهم ، وانتفخت أجوافهم ، وإن لهم لحيرة عن ذلة تكون ، وإياك أن تكونه ، وإنهم لن يزالوا خائفين لك فرقين منك ما خفت من الله وفرقته . وهذه وصيتي ، وأقرأ عليك السلام ))[41].

ثالثاً : قول الرسول (ص) انه كتاب لن تضلوا بعده

ثالثاً : قول الرسول (ص) انه كتاب لن تضلوا بعده

الوصية كتاب لن تضل الأمة أبداً إن هي تمسكت به، ( اكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده )، فهذا الكتاب إذن يمثل العاصم والضامن للأمة من الضلال، وبغيره تكون الأمة عرضة للضلال على أقل تقدير، فهل من المقبول القول إنه (ص) قد ترك كتابته لأن نفراً من الأمة أو جيلاً منها قد اعترض بجهله على كتابته؟ وهل يترك الرسول (ص) كتابته ويضيع من في أصلاب الرجال؟ وقد يعترض معترض بالقول: إن الوصية وردت في المصادر الشيعية دون السنية، وجوابه إن إشارات لها وردت في كتب العامة ولكن السياسة اقتضت أن ينسى البخاري أو راويه الثالثة كما تقدم. كما إنه من المنطقي تماماً أن تكون المصادر التي تنقل عمن بقي في الدار مع رسول الله (ص) بعد أن فعل الآخرون فعلتهم، هي التي تنقل الوصية، فالوصية يعرفها من بقي لا من خرج.

رابعاً : مضمون الوصية تؤيده الآيات والأحاديث الكثيرة التي دلت على التنصيب الإلهي للحاكم

رابعاً : مضمون الوصية تؤيده الآيات والأحاديث الكثيرة التي دلت على التنصيب الإلهي للحاكم

مضمون الوصية تؤيده الآيات والأحاديث الكثيرة التي دلت على التنصيب الإلهي للحاكم، وقد تقدم الكلام فيه. عود على بدء: إذن الوصية تنص على أن للإمام المهدي محمد بن الحسن ابناً اسمه ( أحمد ) هو وصيه، وهذا الابن، وردت نصوص كثيرة في المصادر الشيعية تدل على كونه مهدي آخر الزمان، أثبتنا بعضها فيما تقدم. وعلى أي حال قد ورد عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ( إن الله تعالى أوحى إلى عمران أني واهب لك ذكرا سويا ، مباركا ، يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذن الله ، وجاعله رسولا إلى بني إسرائيل ، فحدث عمران امرأته حنة بذلك وهي أم مريم ، فلما حملت كان حملها بها عند نفسها غلام ، فلما وضعتها قالت : رب إني وضعتها أنثى وليس الذكر كالأنثى، أي لا يكون البنت رسولا يقول الله عز وجل والله أعلم بما وضعت ، فلما وهب الله تعالى لمريم عيسى كان هو الذي بشر به عمران ووعده إياه ، فإذا قلنا في الرجل منا شيئا وكان في ولده أو ولد ولده فلا تنكروا ذلك )[42]. الإمام الصادق (ع) ينبهنا في هذه الرواية على إنهم (ع) إذا قالوا أن القائم هو فلان منهم وكان ولده أو ولد ولده هو القائم فعلينا أن لا ننكر ذلك. والذي يقوي أن الأمر يعني القائم هو أنهم لم يقولوا في أحد من الأئمة السابقين للإمام المهدي محمد بن الحسن (ع) شيئاً ولم يكن فيه، ويدل عليه كذلك إن سياق حديثه (ع) كان في عيسى (ع) وهو المنقذ الذي كان ينتظره اليهود. ومثله عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ( إذا قلنا في رجل قولا ، فلم يكن فيه وكان في ولده أو ولد ولده فلا تنكروا ذلك ، فإن الله تعالى يفعل ما يشاء )[43]. وقوله: (فإن الله تعالى يفعل ما يشاء )، واضح في أن الأمر يستبطن اختباراً للناس. وعن أبي خديجة قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: ( قد يقوم الرجل بعدل أو يجور وينسب إليه ولم يكن قام به، فيكون ذلك ابنه أو ابن ابنه من بعده ، فهو هو)[44]. وعن أبي عبيدة الحذاء: قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن هذا الأمر، متى يكون؟ قال: إن كنتم تؤملون أن يجيئكم من وجه، ثم جاءكم من وجه فلا تنكرونه)[45].

وصية رسول الله (ص) في الليلة التي كانت فيها وفاته

وصية رسول الله (ص) في الليلة التي كانت فيها وفاته

أخبرنا جماعة (هؤلاء الجماعة ذكرهم الشيخ الطوسي في مواضع اخرى وما ذكرته عن أبي عبد الله الحسين بن سفيان البزوفري فقد أخبرني به أحمد أبن عبدون والحسين بن عبيد الله (الغضائري) عنه) خاتمة الوسائل ص30)، عن أبي عبد الله الحسين بن علي بن سفيان البزوفري ، عن علي بن سنان الموصلي العدل ، عن علي بن الحسين ، عن أحمد بن محمد بن الخليل ، عن جعفر بن أحمد المصري ، عن عمه الحسن بن علي ، عن أبيه ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد ، عن أبيه الباقر ، عن أبيه ذي الثفنات سيد العابدين ، عن أبيه الحسين الزكي الشهيد ، عن أبيه أمير المؤمنين عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم – في الليلة التي كانت فيها وفاته – لعلي عليه السلام : يا أبا الحسن أحضر صحيفة ودواة . فاملا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وصيته حتى انتهى إلى هذا الموضع فقال : يا علي إنه سيكون بعدي اثنا عشر إماما ومن بعدهم إثنا عشر مهديا ، فأنت يا علي أول الاثني عشر إماما سماك الله تعالى في سمائه: عليا المرتضى ، وأمير المؤمنين ، والصديق الاكبر ، والفاروق الاعظم ، والمأمون ، والمهدي ، فلا تصح هذه الاسماء لاحد غيرك . يا علي أنت وصيي على أهل بيتي حيهم وميتهم ، وعلى نسائي : فمن ثبتها لقيتني غدا ، ومن طلقتها فأنا برئ منها ، لم ترني ولم أرها في عرصة القيامة ، وأنت خليفتي على أمتي من بعدي فإذا حضرتك الوفاة فسلمها إلى ابني الحسن البر الوصول ، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابني الحسين الشهيد الزكي المقتول ، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه سيد العابدين ذي الثفنات علي ، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه محمد الباقر ، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه جعفر الصادق ، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه موسى الكاظم ، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه علي الرضا ، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه محمد الثقة التقي ، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه علي الناصح ، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه الحسن الفاضل ، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه محمد المستحفظ من آل محمد عليهم السلام . فذلك اثنا عشر إماما ، ثم يكون من بعده اثنا عشر مهديا ، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه أول المقربين (وفي مصادر اول المهديين) له ثلاثة أسامي : اسم كاسمي واسم أبي وهو عبد الله وأحمد ، والاسم الثالث : المهدي ، هو أول المؤمنين. 1. الشيخ الطوسي ذکر رواية الوصيةً فی کتابه الغيبة ص150 مع مجموعة من الروايات لإثبات الامامة انها في اهل البيت(ع) ؛ ثم عقب الشيخ الطوسي ص156في نفس الکتاب لإثبات الروايات التي ذکرها بما فيه رواية الوصية التي کانت من ضمن المجموعة التي استدل بها لإثبات مطلبه في ان الامامة في اهل البيت(ع) فقال أما الذي يدل على صحتها فإن الشيعة الإمامية يروونها على وجه التواتر خلفا عن سلف ، وطريقة تصحيح ذلك موجودة في كتب الامامية والنصوص عن أمير المؤمنين عليه السلام ، والطريقة واحدة ) . 2. الشیخ الحرالعاملی فی إثبات الهداةج1 ص549 ح 376 . 3. الشیخ الحرالعاملی کتاب الايقاظ من الهجعة ص393 . 4. الشیخ حسن بن سليمان الحلي فی کتابه مختصرالبصائرص 159 5. العلامه المجلسي فی بحارالانوارج53 ص147ح 6 مختصرا وفی ج36ص260ح81کاملا بأستثناءعبارة( فإذا حضرته الوفاة ). 6. الشيخ عبدالله البحراني في کتابه العوالم ج3ص236ح227 . 7. السید هاشم البحرانی فی کتابه غاية المرام ج1ص370ح59 . 8. الانصاف ص222للسید هاشم البحراني . 9. نوادرالاخبارللفیض الکاشاني ص294 10. الشیخ المیرزا النوری فی کتابه النجم الثاقب ج2ص71 واشار بأن الوصية معتبرة السند وهذا نص ماذكره الشیخ المیرزا النوری قال روى الشيخ الطوسي بسندٍ معتبر عن الامام الصادق(ع) خبرا ذكرت فيه بعض وصايا رسول الله(ص) لإميرالمؤمنين(ع) في الليلة التي كانت فيها وفاته ……). 11. السید محمد محمد صادق الصدر ذکرها في کتابه تاريخ مابعدالظهور ص641 12. كتاب مكاتيب الرسول للشيخ الميانجي ج2 ص96 . 13. مختصرمعجم احاديث الامام المهدي للشيخ الکوراني والان احمد المذكور في الوصية انه اول المهديين وصي الامام المهدي ع الموصوف ايضا في الروايات انه ((اليماني)) موجود الان ويدعوكم للبيعة للــه.

هوامش

هوامش

[1] – في باب قول المريض قوموا عني من كتاب المرضى ، ص 5 من الجزء الرابع من صحيحه.

[2] – أورده في كتاب العلم ص 22 من جزئه الأول ، وفي مواضع أخر يعرفها المتتبعون .

[3] – ص 14 من جزئه الثاني .

[4] – راجع ص 325 من جزئه الأول .

[5] – كما في ص 20 من المجلد الثاني من شرح النهج للعلامة المعتزلي

[6] – ص 118 من جزئه الثاني .

[7] – ليست الثالثة إلا الأمر الذي أراد النبي أن يكتبه حفظا لهم من الضلال ، لكن السياسة اضطرت المحدثين إلى نسيانه ، كما نبه إليه مفتي الحنفية في صور الحاج داود الددا .

[8] – ص 222 من جزئه الأول .

[9] – وأخرج هذا الحديث بهذه الألفاظ ، أحمد في ص 355 من الجزء الأول من مسنده ، وغير واحد من أثبات السنن .

[10] – الذي أخرجه البخاري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن ابن عباس وأخرجه مسلم أيضا ، وغيره .

[11] – كما في ص 138 من الجزء الثالث من كنز العمال .

[12] – كما في الصفحة 114 من المجلد الثالث من شرح نهج البلاغة.

[13] – طبقات ابن سعد 3 / ق 1 : 127

[14] – شرح النهج6 : 13

[15] – ابن أبي الحديد 1 : 174 وراجع 2 : 27 .

[16] – مروج الذهب 3 : 20 وبهج الصباغة 4 : 229 عنه وعن أبي الفرج ونصر بن مزاحم ، ذكرنا لفظ الكتابين ومصادرهما في مواقف الشيعة 1 : 261 – 263 قال ابن أبي الحديد 2 : 27 : ” قال قاضي القضاة : وهل يشك أحد في تعظيم عمر لأبي بكر وطاعته إياه ، ومعلوم ضرورة من حال عمر إعظامه له والقول بإمامته والرضا بالبيعة له والثناء عليه ” .

[17] – ولنعم ما قال المحقق العلامة المتتبع السيد علي بن موسى بن الطاووس في الطرائف : ” وهب أنهم شكوا في حال نبيهم وظنوا انه طلب الكتابة لهم على سبيل الاختلال فليتهم أذنوا لنبيهم بالكتاب فإن كتب ما يليق بالصواب عملوا به ، وإن كتب شيئا مختلا كما ذكر عمر ستروه كما جرت عادة المشفقين مع من يوالونه ويعظمونه ، وما كان يجوز أن يتركوا نبيهم يتوفى وهذه الأمنية في نفسه لم يبلغها منهم وهو آخر العهد بهم ووقت الحاجة إلى رضاه عنهم .

[18] – الزيغ : الميل ” لا تزغ قلبي ” أي : لا تمله عن الإيمان يقال : زاغ عن الطريق يزيغ إذا عدل عنه قال المجلسي رحمه الله تعالى ( 30 : 556 ) والزيغ: الجور والميل عن الحق. والضمير في أمره راجع إلى علي ( عليه السلام ) أي كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يخرج عن الحق في أمر علي ( عليه السلام ) لحبه إياه ، والمراد الاعتذار عن صرفه عما أراد بأنه كان يقع في الباطل أحيانا .

[19] – البحار 8 : 266 ط حجري وابن أبي الحديد 12 : 21 عن تأريخ بغداد لأحمد بن أبي طاهر وغاية المراد المقصد الثاني : 595 وهامش نهج الحق : 273 والصراط المستقيم 3 : 5 والبحار 8 : 266 و 292 ط حجري و 30 : 556 و 557 ط جديد عن شرح النهج وتأريخ بغداد وقاموس الرجال 6 : 398 و 7 : 188 ونهج الصباغة 4 : 381 و 6 : 244 .

[20] – بن أبي الحديد 12 : 78 و 79

[21] – الطبقات 2 / ق 2 : 37 ومسند أحمد 1 : 90 وكنز العمال 7 : 180 عن ابن سعد و 9 : 120 عن مسند أحمد والبداية والنهاية 5 : 238 ومسند علي : 56 ومجمع الزوائد 3 : 63 .

[22] – وراجع الطرائف : 432 . وكذا في لسان العرب مادة: هجر

[23] – النساء : 64 .

[24] – النساء : 80 .

[25] – ) النجم : 4 .

[26] – الأنعام : 50 ويونس : 15 والأحقاف : 9 .

[27] – الأعراف : 203 .

[28] – يونس : 35 .

[29] – ) ابن أبي الحديد 1 : 183 يعني عمر قال للنبي ( صلى الله عليه وآله ).

[30] – الطبري 4 : 225 .

[31] – راجع في باب جوائز الوفد من كتاب الجهاد والسير ص 118 من الجزء الثاني من صحيحه .

[32] – انظر:تاريخ ابن كثير ج 7 / 359 . ذخائر العقبى ص 72 ، وكفاية الطالب للكنجي ص 133 ومسند أحمد ج 6 / 30 . مسند أحمد ج 6 / 300 أخرجه الحاكم في المستدرك ج 3 / 138 – 139. ابن عساكر في ترجمة الإمام علي ج 3 / 16 – 17 بطرق متعددة . ومجمع الزوائد لأبي بكر الهيثمي 9 / 112 ط . دار الكتاب بيروت ، وكنز العمال ج 15 / 128 ط .الثانية بحيدر آباد ، كتاب الفضائل ، باب فضائل علي بن أبي طالب ، وتذكرة خواص الأمة لابن الجوزي باب حديث النجوى ، والوصية عن كتاب الفضائل لأحمد بن حنبل وخصائص النسائي . وكنز العمال ج 2 / 262 – 263 . طبقات ابن سعد ج 2 / 263 . كنز العمال ج/177- 178 – 179. وقعة صفين لنصر بن مزاحم ط . الثانية ، المؤسسة العربية الحديثة بالقاهرة . نهج البلاغة ص 224 الخطبة رقم 197 في طبعة صبحي الصالح .كنز العمال ج 12 / 209 ومنتخبه ج 5 / 32 بمسند أحمد عن الطبراني . وقال الحاكم عن بعض الأحاديث التي نقلها : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، واعترف بصحته الذهبي في تلخيص المستدرك.

[33] – البقرة180

[34] – تفسير الرازي ج 5 – ص 67 – 69

[35] – النساء : 11

[36] – النساء : 1

[37] – النحل : 90

[38] – النساء : 11

[39] – ج 2 – ص 671 – 673

[40] – إضافة عن ميزان الاعتدال 1 : 345 .

[41] – وانظر مناقب عمر لابن الجوزي ص 54 ، 55 .

[42] – الكافي – الشيخ الكليني – ج 1 – ص 535

[43] – الكافي- ج 1 – ص 535

[44] – الكافي – الشيخ الكليني – ج 1 – ص 535

[45] – الإمامة والتبصرة – ابن بابويه القمي – ص 94

 

x

‎قد يُعجبك أيضاً

إضاءات من دعوة محمد (ص)

إضاءات من دعوة محمد (ص) دعوة محمد ص عوة شمولية عامة، فكأن فيها ما في دعوات جميع الأنبياء وزيادة، وهذا المعنى ورد في الحديث، فما في التوراة والإنجيل والزبور كله ...

بعد وفاة النبي (ص)

قال تعالى : (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ) ...