خطاب السيد احمد الحسن إلى طلبة الحوزة العلمية في النجف الأشرف وفي قم وفي كل بقعة على هذه الأرض
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله على بلاءه وعظيم نعماءه
(وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ * فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ) (الأعراف:164-165)
انصفوا أنفسكم واعطفوا بقلوبكم على الحكمة ، وتدبروا كلامي تدبر منصف ، ولا تقطعوا رحم محمد (ص) ، فإنها معلقة بالعرش تقول : يا رب صل من وصلني ، واقطع من قطعني .
بأي ثقلي الهدى تمسكتم : أبالقرآن أم بالعترة ؟ ! . هل سألتم أنفسكم ، أما القرآن فقد نبذتموه وراء ظهوركم وجعلتموه أخف الأشياء في ميزانكم . وأما العترة فقد ذروتم حكمتهم اليمانية ، ورواياتهم الربانية ذرو الريح للهشيم . فقبلتم ما وافق أهواكم وان قل رواته ، ونبذتم ما خالف آراءكم وان تواتر عنهم (ع) . تقولون إن رواياتهم التي وصفوني بها ليست حجة ، ووصية رسول الله (ص) بالأئمة وبي وبالمهديين ليست حجة ، ومعرفة القرآن وطرق السماوات ليست حجة ، فما أخف محمد (ص) والقرآن والعترة في ميزانكم ، وما أهونهم عند عقولكم .
والحق أقول لكم : إن في التوراة مكتوب (توكل علي بكل قلبك ولا تعتمد على فهمك ، في كل طريق اعرفني ، وأنا أقوم سبيلك ، لا تحسب نفسك حكيماً ، أكرمني وأدب نفسك بقولي ) . وفي القرآن (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ) (العنكبوت:69)
تقولون نحن نقبل شهادة العدلين . فها الله يشهد لي ، ومحمد يشهد لي ، وعلي يشهد لي ، وفاطمة تشهد لي ، والحسن يشهد لي ، والحسين يشهد لي ، وعلي بن الحسين ومحمد وجعفر وموسى وعلي ومحمد وعلي والحسن ومحمد يشهدون لي ، بمئات الرؤى التي رآها المؤمنون . أفلا تقبلون شهادتهم وقولهم ونصحهم لكم . ألم يخبروكم انهم يجتمعون على صاحب الحق إذا جاء وقالوا (ع) (فإذا رأيتمونا قد اجتمعنا على رجل فأنهدوا إلينا بالسلاح ) غيبة النعماني ص197 .
تقولون إن الشيطان يتمثل برسول الله محمد (ص) (لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً * تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً) (مريم:89-90) والله يقول (وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ * وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ) (الشعراء:210-211) فإذا كان الشيطان لا يستطيع أن ينطق بحرف من القران ، فكيف يتمثل بمحمد (ص) وهو القرآن كله .
(قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (المؤمنون:88) ، من بيده ملكوت السماوات والأرض ، ما أنصفتم الله . إذ جعلتم الملكوت بيد الشيطان ، وانتهكتم حرمة رسول الله (ص) ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
تستخفون الناس وتقولون لهم : وهل رأيتم رسول الله حتى تعرفونه بالرؤيا ، سبحان الله . وهل كان أحد في زمن الإمام الصادق رأى رسول الله (ص) ؟ ! ، حتى يقول الإمام الصادق (ع) من أراد أن يرى رسول الله بالرؤيا فليفعل كذا وكذا ، والروايات كثيرة في هذا المعنى ، فراجعوا دار السلام وغيره من كتب الحديث .
تقولون الرؤيا حجة على صاحبها فقط ، فتردون شهادة المؤمن العادل ، الذي رأى وسمع في ملكوت السماوات رسول الله (ص) واخبره بالحق ، فكيف إذن تقبلون شهادته فيما رأى وسمع في هذا العالم الجسماني (تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى) (النجم:22) ، في حديث (عن الإمام الحسن العسكري (ع) بعد ما رآه الفضل بن الحارث في المنام وقال له ما قال قال (ع) : (إن كلامنا في النوم مثل كلامنا في اليقظة ) سفينة البحار ج10 ص199.
ألم يقبل رسول الله (ص) إيمان خالد ابن سعيد الأموي ، لأنه رأى رؤيا . ألم يقبل رسول الله (ص) إيمان يهودي رأى رؤيا بموسى (ع) وقال له : إن محمد حق . ألم يقبل الإمام الرضا (ع) إيمان الواقفية ، لأنهم رأوا رؤى بأنه (ع) حق . ألم يقبل الإمام الحسين (ع) إيمان وهب النصراني ، لأنه رأى رؤيا . ألم تأتي نرجس أم الإمام المهدي (ع) إلى الإمام الحسن العسكري بسبب رؤيا رايتها ، ألم … وألم …
إنا لله وإنا إليه راجعون ، ما اثقل الدنيا في كفة ميزانكم ، وما أخف ملكوت السماوات عند أهواءكم وآراءكم ، تدبروا حال الأمم التي سبقتكم مع أنبيائهم (ع) .
سأنصح لكم وأنذركم وافتح صفحة الحسين (ع) باباً لنصحي ، عسى أن يكون فيكم عاقل ، يثوب إلى رشده ، وينقذ نفسه من التردي في هاوية الجحيم .
الحسين (ع) فداء عرش الله سبحانه وتعالى . ولم يكن الدين الإلهي يستقيم ويتمخض عن دولة العدل الإلهي في آخر الزمان لولا دماء الحسين (ع) .
لقد بين الإمام الحسين (ع) إن الدين الإلهي لا يستقيم إلا بدمه المقدس .
فلولا دماء الحسين (ع) التي سالت على ارض كربلاء لذهبت جهود الأنبياء والمرسلين ، وجهود محمد (ص) وعلي (ع) وفاطمة (ع) والحسن (ع) سدى ، ولما استطاع الأئمة من ولد الحسين (ع) ترسيخ قواعد الدين الإلهي ، والولاية الإلهية وحاكمية الله سبحانه وتعالى .
وكل من يحاول جعل الحسين (ع) مجرد إمام قتل ليبكي عليه الناس ، فهو شريك في دم الحسين (ع) . وهو ممن يحاول قتل الحسين (ع) في هذا الزمان .
لقد واجه الحسين (ع) في كربلاء الشيطان (لع) بكل رموزه الخبيثة ، واجه الحسين (ع) الحكام الذين تسلطوا على الأمة الإسلامية ، ونقضوا حاكمية الله سبحانه وتعالى ، وواجه الحسين (ع) العلماء غير العاملين : شريح القاضي ، وشبث ابن ربعي ، وشمر ابن ذي الجوشن وأمثالهم ، وكانوا اخطر حلقات المواجهة ، لأنهم تسربلوا بلباس الدين ، واوهموا الناس انهم سلوا على الحسين (ع) سيف محمد (ص) ظلما وزورا ، وادعوا أنهم يمثلون الدين الإلهي كذباً وافتراءً على الله سبحانه وتعالى ، وقد اخبر عنهم (ع) انهم سلوا عليه سيفا له في أيمانهم .
وواجه الحسين في كربلاء الدنيا وزخرفها . ولم يطلّقها وينظم إلى ركب الحسين وركب الأنبياء والمرسلين ، وركب الحقيقة والنور إلا القليل ممن وفى بعهد الله سبحانه وتعالى .
وواجه الحسين (ع) في كربلاء الأنا ، وكان فارس هذه المواجهة بعد الحسين (ع) ، وخير من خاض في هيجائها هو العباس بن علي (ع) عندما ألقى الماء ، واغترف من القرآن ( يُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ) (الحشر: 9) ، وأي خصاصة كانت خصاصة العباس (ع) وأي أيثار ؟ !! كان إيثاره (ع) . وهل كان إيثاراً أم انه أمر تضيق في وصفه الكلمات .
وواجه الحسين (ع) في كربلاء إبليس (لع) عدو بني آدم القديم ، الذي توعد أن يظلهم عن الصراط المستقيم ، ويرديهم في هاوية الجحيم .
ولقد انتصر الحسين (ع) وأصحابه (ع) في هذه المواجهة .
فأما الحكام الظلمة فقد قتلهم الحسين (ع) ، وبيَّن بطلان حاكمية الناس بكل صورها ، سواء كانت بالشورى فيما بينهم (الانتخابات) أم بالتنصيب من الناس ، وبين الحسين (ع) أن الحاكمية لله سبحانه وتعالى لأنه مالك الملك ، فله أن ينصب سبحانه وتعالى وعلى الناس أن تقبل تنصيبه ومن يرفض تنصيب الله سبحانه وتعالى فقد خرج عن عبوديته سبحانه كخروج إبليس لعنه الله لما اعترض على تنصيب آدم (ع) خليفة لله في أرضه ورفض طاعته والخضوع له فلا يستجلبكم إبليس بندائه ولا يُعديكم بدائه قال تعالى (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (آل عمران:26) . وأما العلماء غير العاملين فقد فضحهم الحسين (ع) وأزال برقع القدسية الزائفة عن وجوههم المظلمة النتنة وبقي موقف الحسين (ع) في كربلاء ميزان الحق والعدل والتوحيد يستعمله من أراد استعماله في كل زمان ليرى من خلاله الوجوه الممسوخة لعلماء الضلالة غير العاملين من وراء براقع القدسية الزائفة .
وأما الدنيا وزخرفها فقد طلقها الحسين (ع) وأصحابه (ع) وساروا في ركب الحقيقة ، والنور الإلهي وهذا الميزان الثاني الذي رسخه الحسين (ع) بدمه المقدس بالفعل لا بالقول ، فبين (ع) بفعله إن الدنيا والآخرة ضرتان لا تجتمعان في قلب إنسان ، فإذا دخلت إحداهما في قلب الإنسان خرجت الأخرى وإذا سار الإنسان إلى إحداهما ابتعد عن الأخرى ، فمن أراد الله سبحانه وأراد الآخرة لا محيص له عن طلاق الدنيا .
واما الأنا فيكفي أن نقول إن الجود بالنفس غاية الجود ، لقد قوتلت الأنا في كربلاء قتالا عظيما وانتصرت الإنسانية على الأنا في كربلاء ، انتصاراً ترسّخَ ميزاناً إلهياً عادلاً يعطي لكل ذي حقٍ حقه ، ميزان الشهادة التي شهدها الحسين (ع) وأصحابه (ع) بدمائهم أن لا اله إلا الله .
وأما إبليس لعنه الله ففي واقعة كربلاء وضع الحسين (ع) الأغلال في يديه وفي رجليه وغرس حربة في صدره ، فلا يزال متشحطاً بدمه يئن من تلك النازلة العظيمة التي نزلت به ، حتى يضرب القائم عنقه في مسجد الكوفة .
لقد مهد الحسين (ع) الطريق لدولة العدل الإلهي وكأن الحسين (ع) ذبح في كربلاء ليملك القائم (ع) من ولده وكأن الحسين (ع) فداء لدولة العدل الإلهي ولملك الله سبحانه وتعالى (وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ) (الصافات:107) وهكذا كان هذا الفداء أوضح علامات الطريق إلى الله سبحانه وتعالى ، ولم يستطع علماء الضلالة غير العاملين على مر العصور اغتيال الحسين (ع) أو درسه ، ولا يزال وسيبقى علماً يرفرف في السماء لمن طلب الحق .
ولا نخاف ولا نخشى على الحسين (ع) من أصوات الحمير ، قال تعالى (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً )(الجمعة: 5) ، وقال تعالى (إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ) (لقمان:19) او قل العلماء غير العاملين الذين قرروا اغتيال الحسين (ع) فقالوا إن الحسين يؤيد حاكمية الناس . وهو الذي قتل لنقض حاكمية الناس ، واثبات حاكمية الله سبحانه وتعالى ، وقالوا إن الحسين (ع) يخضع ويداهن الأمريكان بفعلهم وادعائهم تمثيله ، وهو (ع) أبي الضيم الذي رفع سيفه بوجه الظلم والفساد حتى آخر لحظة من حياته (ع) ، وقالوا أن الحسين يؤيد حرية أمريكا وديمقراطيتها والحسين (ع) عبد الله سبحانه وتعالى ولم يعرف إلا العبودية لله سبحانه وتعالى وامتثال أوامره ونواهيه سبحانه وتعالى
لقد كفر هؤلاء العلماء غير العاملين بحاكمية الله سبحانه وتعالى وأمنوا بالديمقراطية (ديمقراطية أمريكا) وسموها الحرية .
وبالحق أقول لكم إن هؤلاء العلماء غير العاملين الذين يؤيدون حرية أمريكا وديمقراطيتها أحراراً فلو كانوا عبيدا لله لاستحوا من الله .
إن الحرية التي عرفها الحسين (ع) وآباءه وأبناءه الطاهرين (ع) هي الكفر بعبودية الطاغوت والأيمان بعبودية الله سبحانه وتعالى (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى)(البقرة: 256) .
انصفوا أنفسكم واعطفوا بقلوبكم على الحكمة .
لا تشاركوا في اغتيال الحسين (ع) لا تلطموا الصدور وتشقوا الجيوب وتسبلوا دمع العيون رياءً وكذباً وزورا ، لا تقيموا عزاء الحسين (ع) لتقتلوا الحسين (ع) من جديد لا تقولوا ما لا تفعلون (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ) (الصف:2-3)
إذا كنتم تريدون إقامة عزاء الحسين (ع) فلتقمه أرواحكم قبل أجسادكم ، ولتبكه دماءكم قبل دموعكم ، ألا ترون أن الدنيا قد أدبرت ، وان الآخرة قد أقبلت ، وقد سيطر على البر والبحر شر وافسد واظلم خلق الله (الأمريكان) وأذنابهم الكفرة (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (الروم:41) لقد انتهكت حرمة الإسلام وحورب الإسلام طولا وعرضا فماذا بعد ؟!!!
إذا كنتم حقا وصدقا تقولون للحسين (ع) يا ليتنا كنا معكم فنفوز فوزا عظيما . فها هو الحسين حل بين أظهركم بولده الإمام المهدي (ع) يراكم ويرقب أفعالكم ويرتقب نصرتكم وينادي فيكم (أعنا تتخاذلون وعن نصرتنا تنكصون ، حسبنا الله ونعم الوكيل ) أفبالتقية تعتذرون عن خذلان آل محمد (ع) أم بالخوف أم بقلة العدد والعدة ، ألم يقاتل طالوت بقلة العدد والعدة جيش جالوت مع كثرة عددهم وضخامة عدتهم ، ألم يقاتل محمد (ص) في بدر بقلة العدد والعدة ونصرهم الله سبحانه وتعالى أوَ ليس القرآن يهتف في أسماعكم (كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ)(البقرة: 249) .
يامن تتخاذلون عن نصرة الإمام المهدي (ع) هل تنتظرون إلا الاصطفاف مع السفياني (لع) وارث يزيد ابن معاوية (لع) بعد اصطفافكم مع الدجال الأكبر ( أمريكا ) إذاً فابشروا بنار وقودها (النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ) ماذا ستقولون : بكينا ولطمنا الصدور على الحسين (ع) ، سيأتيكم جواب الحسين (ع) ( انتم ممن أُشرك في دمي فقد قاتلتم ولدي المهدي ) ، ماذا بعد ، هل ستقولون إننا نقف على الحياد . إذاً جوابكم ( لعن الله أمة سمعت بذلك ورضيت به ) فليراجع كل عاقل نفسه فان الفرص تمر مر السحاب ( إذا كنتم تطلبون الحق ) انصروا الحسين (ع) في هذا الزمان ولا تخافوا (وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (آل عمران:139) لا تخافوا من يقتل الجسد ، ولكن خافوا من يستطيع أن يهلك الجسد والروح معاً في جهنم .
وإذا كان قراركم هو خذلان الحسين في هذا الزمان ، وإذا اخترتم ظلم أنفسكم فإني أحذركم وأنذركم عذاب الله سبحانه وتعالى في الدنيا والآخرة ، ولا عذر لكم ولا عاذر .
وأنا وأعوذ بالله من الأنا لن أدعو بتعجيل العذاب ونزوله بكم وان كنت أراه قد أظلكم ، وسأصبر ولو شاء الله ألف عام حتى يقضي الله أمر كان مفعولا ، ولن أشكوكم إلى الله بل سيشكوكم جدي رسول الله (ص) لأنه وصى بي وذكر اسمي ونسبي وصفتي وسيشكوكم آبائي الأئمة (ع) لأنهم ذكروني باسمي ونسبي وصفتي ومسكني ، وستشكوكم دماء الحسين التي سالت في كربلاء لله ولأجل أبي (ع) ولأجلي .
وسيشكوكم اشعيا وارميا ودانيال وعيسى ويوحنا البربري لأنهم بينوا أمري لأهل الأرض قبل سنين طويلة ، وستشكوكم التوراة والإنجيل والقرآن التي ذكرت فيها كل هذا وتخذلونني . أريد حياتكم وأريد نجاتكم فأعينوني على أنفسكم .
طوبى لمن ينحر نفسه بين يدي ربه ، طوبى لمن يقتحم العقبة طوبى لمن لا يعثر بي ، طوبى للغرباء المجانين عند أهل الأرض ، العقلاء عند أهل السماء ، وأنا وأعوذ بالله من الأنا العبد الفقير المسكين المستكين بين يدي ربه أدعو كل عاقل يطلب الحقيقة ليحمل فأساً كما حمله ابراهيم (ع) ويحطم كل الأصنام التي تعبد من دون الله بما فيها الصنم الموجود بين جنبيه وهو الأنا .
وان يكثر من ذكر الله ، واعلم انك مهما أكثرت لن تعدُ الغافلين ، حتى توالي ولي الله ، وتكون من الساجدين واقل العرجة على الدنيا ، واعلم انك مهما زهدت فيها حريص ، حتى تقتحم العقبة وتفك رقبتك من نار الدنيا والآخرة ، (فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ) (البلد:11-12) ( عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (ع) قَالَ (قُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ قَوْلُهُ فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ فَقَالَ مَنْ أَكْرَمَهُ اللَّهُ بِوَلَايَتِنَا فَقَدْ جَازَ الْعَقَبَةَ وَ نَحْنُ تِلْكَ الْعَقَبَةُ الَّتِي مَنِ اقْتَحَمَهَا نَجَا قَالَ فَسَكَتَ فَقَالَ لِي فَهَلَّا أُفِيدُكَ حَرْفاً خَيْرٌ لَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَ مَا فِيهَا قُلْتُ بَلَى جُعِلْتُ فِدَاكَ قَالَ قَوْلُهُ فَكُّ رَقَبَةٍ ثُمَّ قَالَ النَّاسُ كُلُّهُمْ عَبِيدُ النَّارِ غَيْرَكَ وَ أَصْحَابِكَ فَإِنَّ اللَّهَ فَكَّ رِقَابَكُمْ مِنَ النَّارِ بِوَلَايَتِنَا أَهْلَ الْبَيْتِ) الكافي ج1
وقال عيسى (ع) طوبى لمن لا يعثر بي . انحر نفسك بين يدي ربك لتفوز اليوم وغدا بكأس لن تظمأ بعدها أبدا (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) .
قال الإمام الرضا (ع) ( سمعت أبي موسى بن جعفر يقول : سمعت أبي جعفر بن محمد يقول : سمعت أبي محمد بن علي يقول : سمعت أبي علي بن الحسين يقول : سمعت أبي الحسين بن علي يقول : سمعت أبي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهم السلام يقول سمعت النبي ( ص ) يقول سمعت الله عز وجل يقول : ( لا إله إلا الله حصني فمن دخل حصني أمن من عذابي قال فلما مرت الراحلة نادانا بشروطها وأنا من شروطها ). عيون أخبار الرضا (ع) ص145 .
والحق أقول لكم وأنا من شروطها .
أتيتكم باسم الإمام المهدي (ع) . ولم اطلب مشيئتي بل مشيئت الذي أرسلني . لم اطلب مجدي بل مجده .
فمن لا يقبلني لا يقبل أبي الذي أرسلني .
والحق أن من لا يكرم الابن لا يكرم الأب الذي أرسله .
امرني أبي الإمام المهدي (ع) أن أقول هذه الكلمات ( أنا حجر في يمين علي ابن ابي طالب (ع) ألقاه في يوم ليهدي به سفينة نوح (ع) ومرة لينجي ابراهيم من نار نمرود ، وتارة ليخلص يونس من بطن الحوت ، وكلم به موسى على الطور ، وجعله عصا تفلق البحار ودرع لداود (ع) ، وتدرع به في أحد ، وطواه بيمينه في صفين ) .
من له أُذنان فليسمع : هذه دابة الأرض التي تكلم الناس ، وهذا علي ابن أبي طالب (ع) المزمع أن ياتي .
(إِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآياتِنَا لا يُوقِنُونَ) (النمل:82)
احمد الحسن
وصي ورسول الإمام المهدي (ع)
8 /ربيع الثاني / 1426 هـ .ق