س/ كثر تسمية آية الله العظمى عند متأخري العلماء ، فما معنى آية الله العظمى ؟ وهل هي مختصة بالأئمة (ع) أم عامة لكي تطلق على جميع العلماء ؟
ج/ (قَالَ لَهُمْ مُوسَى وَيْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى) (طـه:61) .
الآية هي العلامة أو الدليل ، ونسبتها إلى الله سبحانه وتعالى أما من جهة إثبات وجوده سبحانه وتعالى ، وإما من جهة معرفته سبحانه وتعالى .
فأما من جهة إثبات وجوده سبحانه وتعالى فتكون كل المخلوقات والموجودات آيات الله سبحانه وتعالى والإنسان أعظمها ، فكل الموجودات مشيرة إلى وجود الخالق لأنها مخلوقة ، ومشيرة إلى وجود المؤثر لأنها آثار ، والإنسان أكثرها دلالة وإشارة على وجود الخالق سبحانه وتعالى .
وأما من جهة معرفته سبحانه وتعالى فلا تكون آيات الله إلا حججه سبحانه وتعالى على خلقه ، حيث أن بهم يعرف الله فهم الأدلاء عليه بالحق واليقين ، وبهذا المعنى يكون آيات الله هم الأئمة (ع) وآية الله العظمى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) بالخصوص ، ويكون آية الله في هذا الزمان هو الإمام المهدي (ع) ، بل ولا يصح بهذا أن يسمى الإمام المهدي محمد بن الحسن (ع) بآية الله العظمى ، لان هذه المبالغة خص بها وصي الأوصياء علي بن أبي طالب (ع) باعتبار انه من عرف الله وعرّف الخلق بالله سبحانه وتعالى بعد محمد (ص) .
ولما كان العلماء لا يريدون المعنى الأول قطعاً لانه يشمل كل إنسان سواء كان صالحاً أم طالحاً ، بل أن المعنى الأول ناظر إلى جنس المخلوق ، فاستخدامه للتمييز بين أفراد الجنس الواحد سفه وسفسطة لا طائل من ورائها ، إذن فهم يريدون المعنى الثاني قطعاً ، وهم بهذا قد وقعوا في المحظور ، فاطلاق هذه التسمية أي آية الله على غير الأئمة (ع) حرام بل وإطلاق آية الله العظمى على غير أمير المؤمنين (ع) حرام أيضاً .
وقد ورد في الروايات الصحيحة عنهم (ع) تسمية فاطمة (ع) والأئمة (ع) بآية الله . عن الكاظم (ع) عن آبائه (ع) عن رسول الله (ص) قال (دخلت الجنة فرأيت على بابها مكتوباً بالذهب لا اله إلا الله محمد حبيب الله ، علي بن أبي طالب ولي الله ، فاطمة آية الله … ) كنـز الفوائد ج 1 ص 149 ، وعن أمير المؤمنين (ع) قال (الإمام كلمة الله ، وحجة الله ، ووجة الله ، ونور الله ، وحجاب الله ، وآية الله ، يختاره الله ويجعل فيه ما يشاء ويوجب له بذلك الولاية والطاعة على جميع خلقه ، فهو وليه في سماواته وأرضه … ) بحار ج 25 ص 169 ، البرسي مشارق أنوار اليقين ، وورد تسمية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) بآية الله العظمى ، قال الشيخ المفيد والشهيد والسيد بن طاووس في كتاب الإقبال (رض) روي أن جعفر بن محمد الصادق (ع) زار أمير المؤمنين صلوات الله عليه بهذه الزيارة ( … إلى أن قال (ع) السلام عليك يا آية الله العظمى … ) البحار ج 97 ص 373 ، الإقبال ص 608 ، مفاتيح الجنان ص 448 زيارة أمير المؤمنين في يوم ميلاد النبي (ص) .
وورد النهي والإنكار على من يسمي غير علي بن أبي طالب (ع) بأمير المؤمنين ، عن الصادق (ع) (سأله رجل عن القائم (ع) يسلم عليه بإمرة المؤمنين ، قال لا ذاك اسم سمى الله به أمير المؤمنين (ع) لم يسم به أحد قبله ، ولا يتسمى به بعده إلا كافر ، قلت جعلت فداك كيف يسلم عليه ؟ قال : يقولون السلام عليك يا بقية الله ثم قرأ (بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) (هود:86) ) الكافي ج 1 ص 411 . وسُأل الرضا (ع) ( لم سمي أمير المؤمنين (ع) قال (ع) : لأنه يميرهم العلم ، أما سمعت في كتاب الله {وَنَمِيرُ أَهْلَنَا} ) الكافي ج1 ص 412 ، فإذا كان لا يتسمى بعد علي (ع) بأمير المؤمنين إلا كافر فما هو دليلهم على أن يسموا أنفسهم باسم خص به أمير المؤمنين (ع) وهو آية الله العظمى . (إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى * أَمْ لِلْإِنْسَانِ مَا تَمَنَّى … وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً * فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى) (النجم:23-30)
فيجب أن لا يتعدى الناس حدودهم وخصوصاً العلماء وعليهم الالتفات إلى هذا الحق والانصياع له فبالتواضع تنبت الحكمة لا بالتكبر .
المنصور بالله سبحانه وتعالى
وصي ورسول الإمام المهدي (ع) إلى الناس كافة
احمد الحســن
جمادي الأول /1425 هـ . ق