[من يقول إنّ المرأة ظلمت بتشريع معين([15]) مثل الإرث أو الشهادة لابد أن يبين لنا ميزانه ووزنه القياسي الذي على أساسه يحدد العدل والظلم وبالتالي قرر وقطع أنّ المرأة يجب أن تساوى مع الرجل في كل شيء،
مع أننا نرى جميعاً أنّ المرأة لا تساوي الرجل في كل شيء([16]).
وأيضاً من يريد أن يوجه النقد لتشريع معين ضمن منظومة قانونية وتشريعية عليه أن يلاحظ هذا التشريع كجزء من هذه المنظومة ولا يقتطع هذا الجزء ويعامله بمعزل عن المنظومة ككل.
المفروض أن ينظر إلى حقوق المرأة وواجباتها في القانون الإلهي على الأقل لا أن ينظر إلى الحقوق فقط ويقول إن المرأة أعطيت حقوق أقل من الرجل في القانون الإلهي، لماذا لا ينظر إلى الواجبات ويقول إن الرجل حمل واجبات أكثر من المرأة في القانون الإلهي؟
وكمثال شخصين أحدهما كلفته ببناء ارتفاعه خمسة طوابق والآخر عشر طوابق هل من العدل أن أعطيهما نفس كمية مواد البناء ونفس المبلغ للبناء؟ ولو أعطيت صاحب العشر ضعف صاحب الخمسة هل يصح أن يأتي شخص ويقول أنت ظالم لأنك لم تساوي بين الاثنين وكلاهما يعمل عندك؟
أعتقد أن من يقول إنّ المرأة ظلمت بهذا التشريع فكلامه وقراره ارتجالي بعيد عن البحث العلمي الدقيق.]
السيد احمد الحسن ـ كتاب الحواري الثالث عشر
تعليق:
[15]- التشريع عند اليهود والمسيحيين أيضاً لا يساوي بين الجميع، وكمثال قانون الإرث لا يساوي بين المرأة والرجل في العهدين القديم والجديد:
(1. فتقدمت بنات صلفحاد بن حافر بن جلعاد بن ماكير بن منسى، من عشائر منسى بن يوسف. وهذه أسماء بناته: محلة ونوعة وحجلة وملكة وترصة 2 ووقفن أمام موسى وألعازار الكاهن وأمام الرؤساء وكل الجماعة لدى باب خيمة الاجتماع قائلات 3 أبونا مات في البرية، ولم يكن في القوم الذين اجتمعوا على الرب في جماعة قورح، بل بخطيته مات ولم يكن له بنون 4 لماذا يحذف اسم أبينا من بين عشيرته لأنه ليس له ابن ؟ أعطنا ملكاً بين إخوة أبينا 5 فقدم موسى دعواهن أمام الرب 6 فكلم الرب موسى قائلاً 7 بحق تكلمت بنات صلفحاد، فتعطيهن ملك نصيب بين إخوة أبيهن، وتنقل نصيب أبيهن إليهن 8 وتكلم بني إسرائيل قائلاً: أيما رجل مات وليس له ابن، تنقلون ملكه إلى ابنته 9 وإن لم تكن له ابنة، تعطوا ملكه لإخوته 10 وإن لم يكن له إخوة، تعطوا ملكه لإخوة أبيه 11 وإن لم يكن لأبيه إخوة، تعطوا ملكه لنسيبه الأقرب إليه من عشيرته فيرثه. فصارت لبني إسرائيل فريضة قضاء، كما أمر الرب موسى) العهد القديم والجديد – سفر العدد – أصحاح 27.
قال القمص تدرس يعقوب ملطي في تفسير الأصحاح:
(… قانون الميراث وإقامة يشوع: يحوي هذا الأصحاح أمرين جاءا في خاتمة حياة العظيم في الأنبياء موسى، هما قصة بنات صلفحاد وتعيين يشوع قائداً للشعب …
… فألزم الله الجماعة كلها بقانون للميراث فيه يرث الابن أباه، فإن لم يكن للمتوفي ابناً فابنته، وإن لم يكن له ابنة فإخوته، أو أعمامه، أو أقرب من له في عشيرته…….
…. قانون الميراث: بسبب قضية بنات صلفحاد جاء قانون الميراث يعلن الورثة الشرعيّين كما قلنا الابن، فالبنت، فالإخوة، فالأعمام أو أقرب من في العشيرة) تفسير الكتاب المقدس – العهد القديم – القمص تادرس يعقوب – قانون الميراث وإقامة يشوع تفسير سفر العدد – أصحاح 27.
وكذلك القس انطونيوس فكري في تفسيره لنفس العدد يقول:
(… وكان قانون جديد أنه إن لم يكن للمتوفى ابن فترثه بنته وإن لم يكن له ابنة فإخوته أو أعمامه أو أقرب من لهُ في عشيرته ونلاحظ:
…… 4- نتيجة إصرار بنات صلفحاد على الحصول على نصيبهن، كان بركة هذا حصولهم على قانون جديد للميراث …) شرح الكتاب المقدس – العهد القديم – القس أنطونيوس فكري – تفسير سفر العدد – أصحاح 27.
فهذا مثال من تشريع يعتقد المسيحيون واليهود أنه تشريع وقانون إلهي.
وهذا التشريع لا يساوي في الميراث بين المرأة والرجل فهل هذا أيضاً يعتبر ظلم أو يكفي القول – كبعض من يفعل الآن – بأن الكنيسة لا توجب تطبيق القوانين بدعوى أن عيسى (ع) لم يحكم بين الناس ؟!
بل الحقيقة أنه لو تسنى لعيسى (ع) أن يحكم لحكم وقضى بحكم الله سبحانه وتعالى، وقد جاء في الإنجيل:
(17 لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء. ما جئت لأنقض بل لأكمل 18 فإني الحق أقول لكم: إلى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل 19 فمن نقض إحدى هذه الوصايا الصغرى وعلم الناس هكذا، يدعى أصغر في ملكوت السماوات. وأما من عمل وعلم، فهذا يدعى عظيما في ملكوت السماوات) العهد الجديد – إنجيل متى – أصحاح 5.
فهل هذا التشريع والقانون الإلهي الذي جاء به موسى (ع) وأقره عيسى (ع) لأنه ضمن الناموس هل يمكن وصفه بأنه ظالم للمرأة لأنه لم يساوي بينها وبين الرجل ؟!
ثم حتى لو تنزلنا عن كون هذا التشريع لم يطبق من عيسى (ع) لعدم تمكن عيسى (ع) من إنفاذ الحكم فهل يعتبر المسيحيون اليوم أنّ هذا القانون كان ظالماً وهو من الله سبحانه وتعالى؟!
إذاً فكل التشريع الذي جاء به الأنبياء السابقون (ص) قبل عيسى (ع) هو قانون إلهي ولا ينقض أبداً، وأما كون خلفاء الله (ع) مثل عيسى (ع) لم يمكنهم أقوامهم من الحكم فلا ينقض هذه القوانين أو يجعلها ظالمة مثلاً، بل وحتى لما تنسخ الشرائع والأحكام الإلهية بأحكام إلهية أخرى فتبقى الأحكام المنسوخة عادلة وحق منه سبحانه وكلها واقعة ضمن شرع الله وإن تغيرت بعض التفاصيل بحسب الأزمنة والأقوام وبمقتضى الحكمة الإلهية.
[16]- لا يوجد عاقل يرى أنّ المرأة تساوي الرجل في كل شيء، ومع ذلك فلا بأس أن نعطي مثالاً من خلال هذه الفقرات من نص رسالة البابا شنودة الثالث عن رأى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في موضوع منح الكهنوت للنساء والتي قدمها الأنبا بيشوى في مؤتمر لامبثللأنجليكان بإنجلترا سنة 1988.
قال البابا شنودة الثالث: (………. فإذا بحثنا فى الكتاب المقدس وتقاليد الكنيسة القديمة نجد ما يلي:
1- عدم قيام المرأة بالتعليم في الكنيسة: وفي ذلك يقول القديس بولس الرسول: “لتتعلم المرأة بسكوت في كل خضوع. ولكن لست آذن للمرأة أن تُعلّم ولا تتسلط على الرجل بل تكون في سكوت. لأن آدم جُبل أولاً ثم حواء. وآدم لم يغو لكن المرأة أغويت فحصلت في التعدي. ولكنها ستخلص بولادة الأولاد إن ثبتن في الإيمان والمحبة والقداسة مع التعقل” (1 تى2: 11 – 14).
ونلاحظ أن تعليم القديس بولس الرسول في هذا المجال قد قدم تبريراً لهذا المنع لا علاقة له بالظروف الاجتماعية السائدة في ذلك الزمان ولا بالظروف الخاصة للكنيسة التي كان يرعاها تلميذه تيموثاوس، بل استند إلى أمور تخص الرجل والمرأة منذ بداية الخليقة وحتى قبل خروج آدم وحواء من الفردوس بسبب الخطية. فإذا علمنا أن المرأة لا ينبغي أن تعلم في الكنيسة فمن باب أولى لا يجوز منحها درجات من درجات الكهنوت حيث أن الكاهن يمارس خدمة الأسرار إلى جوار التعليم وقيادة الكنيسة في حدود مسئوليته….
10- نتائج المبالغة في إعطاء حقوق للمرأة خارج إطار تعليم الكتاب:
نحن نرى العالم يندفع مسرعاً نحو تعديل ما يختص بالتعليم الكتابي. حتى وصل الأمر بالمدافعين عن حقوق المرأة إلى محاولة فرض الإنوثة على اسم الله نفسه. ومنع كلمة أبانا أو أبوكم السماوي وهنا تغيير للكتاب في مواضيع عديدة يختص بعضها بالأقانيم الإلهية وعلاقتها ببعضها، مثل علاقة الابن بالآب السماوي ويختص بعضها بالفداء وعمل المسيح الكفارى وأبوته الروحية كرئيس كهنة.
11- عقبات عملية
هناك عقبات عملية بالنسبة للمرأة فى فترات الحمل والولادة والرضاعة الأمور التي تأخذ بسببها بعض النساء الموظفات عطلات طويلة من وظائفهن. وربما يؤدى الانشغال بعمل الكهنوت إلى إهمال وظيفة ربة البيت تماماً بما في ذلك تربية الأطفال…) البابا شنودة – رأي الكنيسة الأرثوذكسية فى كهنوت المرأة – مؤتمر لامبثللأنجليكان بإنجلترا سنة 1988 – من الموقع الرسمي للانبابيشويhttp://www.metroplit-bishoy.org/arabic/dialogues.htm
إذاً فالمرأة أيضاً في العهدين القديم والجديد وفي اعتقاد الكنيسة اليوم أيضاً ليست مساوية للرجل في كل الحقوق، فهل يسمى هذا الأمر ظلماً مثلاً ؟!